ذكر دايف تروت في كتابه «واحد زائد واحد يساوي ثلاثة»، قصة تحطّم طائرة صغيرة كانت مسافرة من الكونغو إلى بلدة اسمها باندوندو، هذه الطائرة رغم حداثتها وخلوّها من العيوب، ورغم تمكّن قائد الطائرة ومساعده وخبرتهما الجيدة، ورغم حالة الطقس الممتازة؛ تحطّمت وهي تحاول الهبوط، وقُتل جميع ركابها العشرين ما عدا راكب واحد.
تم سؤال الناجي الوحيد الذي كان يتعافى في المستشفى عن الحادثة، فقصّ عليهم ما لم يكن بالحسبان.
قال إنه عندما بدأ قائد الطائرة بالهبوط، خرج من مؤخرة الطائرة تمساح صغير، كان قد هرّبه أحد ركاب الطائرة بشكل غير قانوني في حقيبته. وما إن رأت مضيفة الطيران التمساح، حتى أصابها الهلع وركضت إلى قائد الطائرة لتخبره عنه. باقي الركاب أصابهم الهلع أيضاً عندما رأوا المضيفة تركض، فركضوا وراءها إلى مقدمة الطائرة. ومن تلك النقطة، وبسبب اختلال الوزن في الطائرة لكفة المقدمة، وكون الطائرة أصلاً في وضعية هبوط، أصبحت الطائرة في وضع عمودي لا أفقي.
حاول قائد الطائرة رفعها، وحث الركاب إلى الرجوع إلى مقاعدهم، ولكن استعصي عليهم الرجوع بسبب الوضعية العمودية للطائرة؛ مما جعلها تصطدم فوراً بمقدمتها بالأرض..
نجا راكب واحد، ونجا التمساح الصغير، حتى رآه أحد السكان المحليين ثم قتله. لم يعرف بأنه أتى من الطائرة.
طرح تروت هذه القصة في معرض حديثه عن عقلية القطيع أو تفكير القطيع. ويُقصد بعقلية القطيع، الأفراد الذين يلحقون بالمجموعة فيفكرون أو يفعلون أو يقولون ما تقول به الجماعة من دون تفكير، لأسباب عديدة أهمها الخوف والجهل وعدم التفكير أو محاولة البحث عن الحقيقة. ونرى أمثلة كثيرة لعقلية القطيع في عالمنا العربي، خاصة هذه الأيام مع انتشار الأخبار والقصص الكاذبة. فترى أحدهم يصدّق ويؤمن بشيء بشكل أعمى لمجرد أن فلاناً نشر حوله «تغريدة»! وتجد آخر يدافع بشراسة عن رأي مسؤول ما حتى لا يكون «مغرداً» خارج السرب!
أحد أهم أسباب «عقلية القطيع» هو كراهية الاختلاف.. لا أحد يريد أن يكون مختلفاً عن الجماعة؛ لأن ذلك يعني -في العالم العربي خاصة- النبذ من قِبل الجماعة. ولكن هل ذلك يبرر «الجري» وراء الجماعة، وإن كان ذلك خطأ «قاتلاً»؟
حتى الجماعة تحتاج إلى تصويب في بعض الأحيان، فمن سيفعل ذلك إن كان الكل يوافقها في صوابها وخطئها؟
المطلوب من أجل التخلص من هذه العقلية، هو التروّي والبحث عن الحقيقة، وإعمال الفكر، وتقبّل الاختلاف إن حدث، فلا أحد يتمنى مصير ركاب الطائرة. الأكيد أن جميعنا نتمنى النجاة من عقلية القطيع.. ولكن ليس على طريقة التمساح.
تم سؤال الناجي الوحيد الذي كان يتعافى في المستشفى عن الحادثة، فقصّ عليهم ما لم يكن بالحسبان.
قال إنه عندما بدأ قائد الطائرة بالهبوط، خرج من مؤخرة الطائرة تمساح صغير، كان قد هرّبه أحد ركاب الطائرة بشكل غير قانوني في حقيبته. وما إن رأت مضيفة الطيران التمساح، حتى أصابها الهلع وركضت إلى قائد الطائرة لتخبره عنه. باقي الركاب أصابهم الهلع أيضاً عندما رأوا المضيفة تركض، فركضوا وراءها إلى مقدمة الطائرة. ومن تلك النقطة، وبسبب اختلال الوزن في الطائرة لكفة المقدمة، وكون الطائرة أصلاً في وضعية هبوط، أصبحت الطائرة في وضع عمودي لا أفقي.
حاول قائد الطائرة رفعها، وحث الركاب إلى الرجوع إلى مقاعدهم، ولكن استعصي عليهم الرجوع بسبب الوضعية العمودية للطائرة؛ مما جعلها تصطدم فوراً بمقدمتها بالأرض..
نجا راكب واحد، ونجا التمساح الصغير، حتى رآه أحد السكان المحليين ثم قتله. لم يعرف بأنه أتى من الطائرة.
طرح تروت هذه القصة في معرض حديثه عن عقلية القطيع أو تفكير القطيع. ويُقصد بعقلية القطيع، الأفراد الذين يلحقون بالمجموعة فيفكرون أو يفعلون أو يقولون ما تقول به الجماعة من دون تفكير، لأسباب عديدة أهمها الخوف والجهل وعدم التفكير أو محاولة البحث عن الحقيقة. ونرى أمثلة كثيرة لعقلية القطيع في عالمنا العربي، خاصة هذه الأيام مع انتشار الأخبار والقصص الكاذبة. فترى أحدهم يصدّق ويؤمن بشيء بشكل أعمى لمجرد أن فلاناً نشر حوله «تغريدة»! وتجد آخر يدافع بشراسة عن رأي مسؤول ما حتى لا يكون «مغرداً» خارج السرب!
أحد أهم أسباب «عقلية القطيع» هو كراهية الاختلاف.. لا أحد يريد أن يكون مختلفاً عن الجماعة؛ لأن ذلك يعني -في العالم العربي خاصة- النبذ من قِبل الجماعة. ولكن هل ذلك يبرر «الجري» وراء الجماعة، وإن كان ذلك خطأ «قاتلاً»؟
حتى الجماعة تحتاج إلى تصويب في بعض الأحيان، فمن سيفعل ذلك إن كان الكل يوافقها في صوابها وخطئها؟
المطلوب من أجل التخلص من هذه العقلية، هو التروّي والبحث عن الحقيقة، وإعمال الفكر، وتقبّل الاختلاف إن حدث، فلا أحد يتمنى مصير ركاب الطائرة. الأكيد أن جميعنا نتمنى النجاة من عقلية القطيع.. ولكن ليس على طريقة التمساح.
جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق