الأربعاء، 9 فبراير 2022

اهتداءات

  

 

نقرأ لنتعلم و لنهتدِ و لنتثقف و لنخرج من تحت جلدنا إلى مكان أوسع و أجمل، به نكون ما نريد أو مالا نريد!

نسأل لنأخذ الرأي و لنفهم و لنبحث و لنسمع من غيرنا مالم تقله قلوبنا أو ما همست به عقولنا و رفضناه!

نمارس الرياضة كي نُريح أنفسنا من العضو الوحيد من أجسادنا الذي يتحرك بلا رياضة.. عقلنا!

نعمل كي نغذي جيوبنا و عوائلنا و غرورنا.. ملاحقين المال و السمعة و النفوذ.. مُفنين أعمارنا في محاولة إثبات قيمتنا لأناس نعرفهم و أناس لا نعرفهم!

نبحث عن المال لأننا نرى صور السعادة التي يمكن شراؤها في انستجرام، و نبحث عن النفوذ لأننا نقرأ أسماء المشاهير في الصحف اليومية، و نبحث عن السمعة لأن.. "الصيت و لا الغنى"!

ننام كي نرتاح من واقعنا السعيد و الحزين. لا تصدقوا من يقول بأن السعيد لا ينام، فالبديل عن النوم هو الجنون!

نكبر لأن ما يجري حولنا لا يمكن لطفل أن يتحمله أو لشاب أن يتجمل أمامه.

نشيخ لأن الدنيا لا تقبل الوقوف بالزمن ولا المكان، و لهذا تتعرى الجبال و تُزهر الأنهار!

نكتب لأن البوح للورق أسهل و أخف علينا من التلميح بألآمنا لإنسان قد يفهم و من ثم يتجاهل ما فهمه لئلا يعكر مزاجه و يثقل لسانه ببضع عبارات مواساة!

نرسم لأن الدنيا أجمل على القماش. و نلون القماش كي نصبح نحن أجمل ما الدنيا!

نحب لأن هذه هي فطرتنا و ما خُلقنا من أجله. ألم يُخلق آدم ليعبد الله و يحبه؟

نسافر لنفارق و لنجتمع مع أحبتنا أو مع أنفسنا.. ففي تغيير المكان انتعاش للعقل و هدوء و مراجعة للنفس.

نلعب كيلا يبتلعنا ثقل الوجود اليومي.

نهتم لأن عدم الاكتراث يعني عدم الحياة.. و عدم الموت أيضاً!

نداوي لأننا تعبين و نعرف أثر الجرح أكثر من المجروحين!

نغني كي يعلو صوتنا على نشاز الدنيا، و ندوزن الآلاتنا الموسيقية كي نشعر ببعض السيطرة حول ما يجري حولنا، فلربما حرف دو يجعل غداً أهون، و لربما حرف صول يجعل ما بعد الغد أيسر أكثر و أكثر!

نرقص لأن الرقص أكثر فعل يعبر عن الحياة، و يجذب أجمل ما فيها، و لأننا بلا الرقص و الموسيقا، كتل جامدة، لن تقبل بنا سوى متاحف العقل المملة!

نتعبّد لئلا يكون كل هذا بلا سبب!

 

 

 

جواهر محمد آل ثاني

صحيفة الشرق 

المصدر



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...