الأربعاء، 15 يونيو 2022

المتسوق السري

  

 

أعلن ديوان الخدمة المدنية و التطوير الحكومي الأسبوع الماضي عن مبادرة جديدة باسم "المتسوق السري"، و هي عبارة عن مبادرة يتم فيها اختيار متطوعين من المجتمع لتجربة و اختبار نوعية و جودة الخدمات الحكومية المقدمة في قطر. و يقوم المتطوعين بعد ذلك بتقييم الخدمات الحكومية، ليتولى ديوان الخدمة المدنية دوره في رفع التوصيات إلى هذه الجهات الحكومية لتحسين خدماتها و أعمالها.

سررت جداً بهذه المبادرة الخلاقة، الهادفة إلى تحسين جودة الخدمات الحكومية في الدولة و الرفع من مستوى تجربة العميل. فبالاستعانة بمتطوعين من المجتمع بدلاً من موظفين ديوان الخدمة المدنية، قد نرتقي بالخدمات فعلاً، فالمتطوعين لا يتقاضون أجراً على هذا العمل الذي يخدم دولتهم و مجتمعهم، و نظرتهم إلى هذا العمل حيادية تماماً، جُل همها هو تحسين و تطوير الخدمات الحكومية التي نستعملها جميعاً على امتداد حياتنا.

وهذا الاتجاه الجريء الذي تدخل على خطه ديوان الخدمة المدنية، هو الاتجاه الذي على جميع الجهات الحكومية التفكير بالأخذ به.. و هو التفكير بالعميل "كزبون" "كمتسوق" "كباحث عن تجربة مميزة" عند بدء الإجراء الحكومي أو الأخذ بالخدمات الحكومية. فالجميع يرى تميز الشركات الخاصة في تقديم خدماتها المسهلة و السريعة. بعض الشركات تصلك إلى بيتك في ساعة لتوقع على الأوراق أو لتعطيك المستندات. و في شركات أخرى لا تضطر إلى الوقوف في طابور أو الرجوع مرة ثانية بالمستندات المطلوبة، "فالإيميل يكفي"!

بطبيعة الحال، الشركات الخاصة تبحث عن التميز في خدمة العملاء كيلا تخسرهم، و هذا ما لا تخافه معظم الجهات الحكومية، فعملاء الجهات الحكومية مضطرين إلى اللجوء إلى خدماتها.. و لكن هذه الجهات معرضة إلى خسارة المستثمرين من مواطنين و أجانب، بالإضافة إلى تهاون العملاء في استعمال بعض الخدمات الحكومية اللازمة، و هذا ما قد يؤثر سلبياً على العملاء و غيرهم.

و من الأمثلة الجيدة في الدولة على تحسين الخدمات و تنويعها، هو "بريد قطر" الذي رفع من مستوى و جودة خدماته، حتى أصبح الكثير يُفضله على الشركات العالمية الأخرى الشهيرة. و هذا ما نطمح أن نصل إليه في قطر.. التميز و الإبداع في جميع الأوجه و على الأخص في الخدمات المقدمة للعملاء، الكبار منهم و الصغار. و بتحسين الخدمات البسيطة المقدمة للعملاء، يرتفع المعيار بالنسبة للخدمات الأخرى، و سيصبح المطلوب في المستوى.. من أفضل إلى أفضل، والطريق يبدأ من هنا. 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق 

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...