من ضمن قراءاتي في مجلة هارفرد بزنس ريفيو، لفت انتباهي أمر في بعض المقالات.. و هو أسئلة كُتابها. لا الأسئلة فقط.. بل كثرتها أيضاً! يسأل الكثير من كتاب هذه المجلة المرموقة في بداية المقالة، الأسئلة التي يجاوب عليها مقالهم بعد ذلك بشكل واضح و صريح.. ليكون أمام القارئ، الذي سيكمل-على الأرجح-القراءة لمعرفة الجواب. و من هذه المقالات التي لفتت انتباهي هي مقالة بيتر دركر، (MANGING ONESELF) عن كيفية قيام الشخص بإدارة نفسه. و فيه يسأل الأسئلة التالية: ما هي نقاط قوتي؟ ما هي أفضل طريقة تحفزني على العمل؟ ما هي القيم و المبادئ التي أستند عليها في حياتي؟ ما هي البيئة أو المكان الذي أنتمي عليه بناء على قيمي و نقاط قوتي؟ ما الفائدة التي يمكنني إضافتها إلى هذا العالم؟ و عبر الإجابة على هذه الأسئلة، يصل الانسان إلى حياة مليئة بالنجاح و التميز وفق دركر.
و في مقالته المنشورة في يوليو ٢٠١٠، يؤكد كليتون كريستينسن بأن النظريات و الاستراتيجيات المُدرسة في ماجستير إدارة الأعمال في هارفرد، يُمكنها أن تساعد المرء على خوض حياة أسعد و أجمل إن طبقها في حياته، و لكن عليه أولاً أن يسأل نفسه هذه الأسئلة: كيف يمكنني أن أصبح سعيد في عملي؟ كيف يمكنني أن أجعل علاقتي بعائلتي مصدراً لسعادتي؟ كيف يمكنني أن أحيا حياة مليئة بالصدق و الأمانة؟ و لا أنسى سؤال كريستينسن الأهم، و الذي عنون به مقالته "كيف ستقيس حياتك في المستقبل؟"!
هذه الأسئلة التي يملأ بها الكُتاب مقالاتهم و رؤوسنا.. هي مفاتيح الأبواب التي علينا أن نفتحها في حياتنا. فبالأسئلة ندخل في عوالم أخرى جهلنا وجودها من قبل. فعندما يسأل الشخص نفسه: أين أنا؟ و ماذا أريد أن أصبح بعد خمس سنوات؟ يمهد لنفسه طريق جديد، قد يأخذه إلى أفاق جديدة لم يتوقع إمكانية وجودها في السابق! و لا يُشترط في السؤال وجود الإجابة مسبقاً. قد نسأل أسئلة لا نعرف إجابتها بعد. الشخص الذي يسأل نفسه: ما هي الحرفة التي أحبها و أريد أن أحترفها بقية حياتي؟ قد لا يعرف ما هي حتى يجرب العشرات من المهن و الحرف على مر السنين، و لكن الأكيد بأنه سيجد في النهاية الحرفة أو المهنة التي يحبها إذا أكمل سعيه في هذه الحياة. فإجابات جميع الأسئلة موجودة، و لكن علينا فقط السعي و البحث عنها.. فقد قال الله تعالى في سورة إبراهيم: (٣٤)(و آتاكم من كل ما سألتموه). ستصلنا جميع الإجابات، و لكن علينا البدء بالسؤال أولاً، و من ثم السعي وراء الأجوبة!
جواهر آل ثاني
صحيفة الشرق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق