الثلاثاء، 2 أغسطس 2022

كيف نحب الله

  

كتبت سابقاً عن طريقة عبادة الله.. و عن مكمن و سر العبادة الكاملة في الصلاة.. ففي الأول و الأخير.. خلقنا الله لنعبده، كما في الآية: (وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون)(٥٦:سورة الذاريات). و لكن ماذا عن حب الله؟ هل هو لازم كما العبادة؟ و هل هو مرتبط بها أم منفصل عنها؟

يتضح من القرآن الكريم و السنة النبوية بأن حب الله لازم و واجب على كل مؤمن، حيث أنه جزء لا يتجزأ من العبادة، و مرتبط بها. و قد قال الله تعالى في سورة المائدة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ)(٥٤). فمن يؤمن، يحب الله و لا توجد محبة أعلى و أسمى من محبة الله، كما قال الله تعالى في سورة البقرة: ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله)(١٦٥). و الله يبادلنا هذا الحب، كما في سورة آل عمران: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(31). بل و أكثر من ذلك، فحب الله للمؤمن أعظم و أكبر من أي محبة قد يختبرها الانسان في الحياة الدنيا، و هي أكبر من محبة العاشق لمعشوقه و أعظم حتى من حب الأم لولدها كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام.

الحديث عن محبة الله مهمة.. لأنها حديث عن العبادة أيضاً. فمحبة المؤمن لربه، تبدأ عن طريق ممارسته للعبادات، أي أركان الإسلام، من الشهادة و حتى حج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً.. وهو حب كباقي أنواع الحب.. يبدأ ولا ينتهي، و لكن يصغر أو يكبر بالأفعال. و محبة الله تكبر و تتوسع بممارسة العبادات و النوافل و فعل الخيرات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: «لا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه».و لذلك نحب الله.. لأنه جزء من عبادتنا له سبحانه و تعالى.. و نحن نحب الله عزوجل أكثر عبر التأمل في خلقه وعن طريق كثر ذكره، و قراءة القرآن و تدبره و العمل على فهمه، ومحاولة فعل الخير كي يرضى علينا. بالإضافة إلى الدعاء له في كل حين، و الخشوع في الصلاة، وكثرة فعل الأعمال المستحبة، والابتعاد عن الأعمال المكروهة. كما أن محبة نبي الله عليه الصلاة و السلام طريق أيضاً لمحبة الله عز وجل.

عندما نحب الله.. يحبنا الله.. و يبسط علينا رحمته و غفرانه.. و يسهل لنا أمورنا و شؤونا، و تصبح حياتنا أسهل و أجمل، فنكسب الدنيا و الآخرة. و من غير الله يستحق جُل الحب و أعظمه؟ لا أحد. و في هذا قال الغزالي: " كل ذي بصيرة يعلم أنه لا محبةً حقيقيةً إلا لله، ولا أحد يستحق المحبة إلا هو".

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...