لو سُئل جيل الألفية و الأجيال التي تبعته: ماذا تريدون من هذه الحياة؟ لتوالت معظم الإجابات كالآتي: المال.. الشهرة.. الإنجاز.. السطوة.. القوة.. الجسم الرياضي.. و هكذا. قلة التي ستجاوب قائلة: السعادة! و قد يرد البعض علي قائلين: كل هذه الأمور تصل بالمرء إلى السعادة.. و لكن ذلك ليس صحيحاً في غالب الأوقات.
مصدر السعادة أو سبب السعادة هو موضوع تناقله و تكلم عنه الجميع من الفلاسفة و الأدباء و حتى العلماء و عامة الناس. الجميع لديه تصور حول السعادة! و قد عملت جامعة هارفرد دراسة راقبت فيها مجموعة من الرجال و من ثم النساء لمدة تزيد عن الثمانين سنة لتعرف أسباب السعادة!
وفي هذه الدراسة، تم مراقبة مجموعتين من الرجال، نصفهم من خريجي و مرتادي جامعة هارفرد و النصف الآخر من رجال بسيطين يسكنون في أفقر أحياء بوسطن. و على مر السنين بدأوا بمراقبة أبنائهم و أحفادهم و أبناء أحفادهم و هكذا.. من الرجال و النساء لتحديد سبب السعادة.
و قد وجدوا بأن سبب السعادة هو العلاقات الاجتماعية الثرية. و أقصد بالعلاقات الاجتماعية الثرية هي العلاقات التي تضيف معنى لحياة الإنسان.. العلاقات التي نكون فيها على طبيعتنا غير متصنعين لأمر ما أو صفة ليست فينا. هذه العلاقات الصحية التي قد تكون مع أفراد العائلة أو الأصدقاء، تجعلنا أسعد و تجعلنا نحيا لمدة أطول و نكبر بشكل أبطأ، بل و أنها تجعل صحتنا الجسدية أفضل، لأن العلاقات الطيبة تخفف التوتر على المرء و تشعره بأنه على ما يرام.
هذه الدراسة مستمرة حتى الآن وفق الدكتور روبرت والدنقر، و لكني أجزم بأن أسباب السعادة لن تحيد عن علاقات الانسان الجيدة. فالانسان منذ القدم يعيش مع الجماعة، و لا يحيا إلا معهم، و ما إن تنبذه الجماعة حتى يموت أو تأكله الوحوش. الانسان كائن اجتماعي. وجود العلاقات الاجتماعية في حياته يجعله حي، و إن كانت هذه العلاقات الاجتماعية ثرية، فإنه سيعيش حياة أسعد و أطول! فابنوا علاقات اجتماعية ثرية و صحية و طيبة! فهي ما سيقودكم إلى السعادة دون أن تشعروا!
جواهر آل ثاني
صحيفة الشرق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق