الثلاثاء، 16 مايو 2023

عن عمر الثلاثين!

 

 

 

 

لكل عمر مكاسبه و خساراته و أحلامه و كبواته و مساوئه و مواطن قوته، و حلوه و مره. و لعقد الثلاثين، موطن خاص للكل-على ما أظن-خاصة مع ارتفاع متوسط عمر الانسان إلى ٧٢ عاماً مع تقدم العلم و التكنولوجيا. فيكون الثلاثين في مركز حياة الانسان، أي أن ما قبلها هو بداية حياة الانسان، و ما بعدها هو بداية منتصف عمر الانسان. و لأن المركز يحمل دائماً القوة في صدره.. كذلك تفعل الثلاثينات.

عندما يصل المرء إلى عمر الثلاثين، غالباً ما يكون قد انتهى من الاستكشاف و البحث غير المجدي. يفد المرء إلى ثلاثينياته بأهداف معينة و رغبات محددة، و أحلام واضحة. فقد توضحت له الأمور بعد أن تاه و تخبط و ضاع قليلاً أو كثيراً-على حسب الشخص-في عشرينياته.

في الثلاثينيات، تتكون للإنسان صورة لما هو واقع أو خيال. لما هو حلم أو وهم. لما هو حقيقي أو كذب. لما هو في صالحه أو ضد مصلحته، لمن يقف في صفه أو مع عدوه.

في الثلاثين، يفهم الانسان الكثير من الأمور التي استعصى عليه-لسبب من الأسباب-فهمها في عشرينياته.

في الثلاثينيات يفهم الانسان مشاعره، و يستوعب أن الكثير من المشاعر التي اجتاحته في العشرينيات كانت مجرد "هرمونات طائشة"!

في الثلاثينيات، تكون خلايا مخ الانسان قد اكتملت تمام الكمال. و عقله قد بدأ في النضوج، و اهتماماته بدأت في التحول من اللعب إلى العمل، و من الأصدقاء نحو العائلة، و من الركض نحو الحياة إلى المشي في الحياة، و من صخب العمر إلى تأمل العمر، و من السهر على الأحلام إلى إعداد خطط العمر.

في الثلاثين، يجد الانسان قبيلته الحقيقية، و الناس الذين يحبهم، و الذين يحبونه حقاً، و يبتعد عن شلل اللهو و اللعب، و يقترب من ذاته الحقيقية المتكورة في داخله.

لو كان العمر بيتاً، لكانت الثلاثينات هي مرحلة الانتهاء من بناء العظم. يكون الانسان قد بدأ في البناء في العشرينيات ليستمر فيها خلال الثلاثينات و ينتهي منها في سن الأربعين.

إذاً، فالثلاثين هي أهم جسر يعبره الانسان في حياته. و الأولى على الانسان أن يعبر هذا الجسر بقوته لا بضعفه. أن يكون كاملاً لا ناقصاً. و سيفعل ذلك عندما يضع العشرينيات ورائه، و يهتم بعمله و عائلته أكثر من لعبه و لهوه. و عندما يفكر بالمال بشكل جدي إما عبر إيجاد مصدر دخل إضافي أو ادخار بعض المال لشراء عقار او استثماره في الأسهم أو الذهب أو غيره.

من هنا تبدأ "جدية" الثلاثيني الذي يفكر بعلاقاته و أمواله و عمله و شغفه و صحته و من ثم لعبه! فلا تستهينوا بجدية الثلاثيني لأنها هي ما تصنعه، و تعده للأربعينيات، بدون خوف أو هلع!

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...