الثلاثاء، 9 مايو 2023

عن جمال لغة الضاد

 

 

 

اللغة العربية كلها عجائب، و مُتع، و أبواب مخفية و خلفية تُفتح على جميع الجهات. و قد تغزل فيها الكثير من الشعراء مثل مصطفى صادق الرافعي و حافظ إبراهيم الذي نحفظ جميعنا بيته الشهير "أنا البحر في أحشائه الدر كامن.. فهل سألوا الغواص عن صدفاتي".

هي لغة جميلة و عظيمة، تتمثل لنا عظمة اللغة العربية مثلاً في استخدام كلمة معينة لأكثر من استعمال و غرض رغم تعدد المفردات فيها! كاستخدامنا لكلمة "الله" و هو لفظ الجلالة، و لكننا لا نقول "الله" فقط عند الدعاء و الشكر و الاستغفار! بل نتجاوز ذلك إلى ما هو أبعد منه.. عندما نستمتع بأغنية لأم كلثوم و نندمج معها فنقول "الله يا ست"! و عندما نسمع قصة حزينة، نقول: "يا لله، لا أصدق بأن هذا حدث فعلاً"! و عندما نتفاجأ نقول: "يا لله لم أتوقع هذا!" و نقولها عند الإحباط و الخوف و الغضب و عندما يجتاحنا الذنب و الأمل و السعادة! يمكننا وضعها في أي موضع! مثلها مثل كلمة "طيب" التي نستخدمها في الخليج لأكثر من غاية، و في أكثر من موضع كما يستخدم الإنجليز كلمة OKAY، فنقول عندما نريد أن نحث أحدهم على إكمال كلامه: "طيب، وماذا حدث بعد ذلك!". و نقول لتلبية طلب أحدهم: "طيب!" و نقول عندما يسألونا عن الحال: "طيب الحمد لله!". و غيرها الكثير من المفردات!

و في الوقت نفسه، و لأن اللغة العربية تمتد على الآلاف الكيلومترات متجاوزة الحدود الجغرافية للدول العربية، فإن كلمة واحدة قد يكون لها معنى مختلف باختلاف اللهجة، فمثلاً لدينا "صياح" باللهجة الخليجية تعني بكاء أما باللهجة السورية فتعني صراخ. و "عيط" باللهجة المصرية يعني بكى أما باللهجة السورية تعني ينادي بصوت مرتفع. و كلمة "عيش" باللهجة المصرية تعني خبز أما في الخليج فنقصد بها الرز.

اللغة العربية بحر، لا نهاية لها ولا بداية.. تجري حولها أنهار اللهجات العربية.. بها متعة الضياع و الوجود.. و الكلام و السكوت.. و التفكر و التأمل.. فكل حرف و صوت و كلمة، تفرق عن الأخرى، و لكل مفردة تشكيلتها و شخصيتها المستقلة عن الأخرى. و في الوقت نفسه، تتشابك المفردات و معانيها بشكل رائع! فكلمة العَين مثلاً، تعني عضو الابصار للإنسان، و تعني الجاسوس و كبير القوم أيضاً! و هذا أبسط جماليات هذه اللغة العظيمة! لغة الضاد التي لا يوجد ما يماثلها!


جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...