الثلاثاء، 13 يونيو 2023

ثلاثة رجال و ميزة واحدة!

 

 

 

‏الرجل الأول، رجل قصير ذو شنب يشبه شنب هتلر، يلبس قبعة و بدلة، يركض في المشهد، ليدخل عن طريق الخطأ إلى قفص أسد، وبعد ذلك يغلق على نفسه الباب وهو يحاول جاهداً الخروج من القفص. هل عرفتموه؟

‏الرجل الثاني، رجل يلبس بدله بنية رسمية و ربطة عنق حمراء اللون، تتوسط وجهه حبة خال تميّزه، يجد نفسه دائماً في مواقف غريبة ومحرجة أو مضحكة. و من هذه المواقف، المرة التي يذهب فيها إلى شراء كرسي أخضر اللون، وبعض الحاجيات الأخرى التي يكدسها في سيارته (Mini) الصغيرة الخضراء، و يضع الكرسي فوق سيارته، ليجلس بعدها فوق الكرسي و يقود السيارة عبر تحريك بعض الحبال المربوطة بمقود السيارة، و الضغط على دواسة البنزين في السيارة عبر المكنسة التي يمسكها. يستمر بطلنا في القيادة حتى يفقد السيطرة على السيارة ويدخلها عن طريق الخطأ إلى شاحنة وسادات! هل ميزتوا هذا الرجل؟

‏الرجل الثالث اشتهر عن طريق عمل فيديوهات يسخر فيها من فيديوهات ناس آخرين يصعبون الأمور على أنفسهم. فمثلاً، نشر في حسابه فيديو لرجل يفقس البيض عن طريق ضربه في رأسه، فيرد عليه بأن يصور فيديو يفقس فيه البيض بيديه، أي الطريقة العادية المعتادة للناس!

الأكيد أنكم عرفتم جميع هؤلاء الرجال أو واحداً منهم على الأقل! أولهم اشتهر في بداية القرن العشرين، وهو تشارلي شابلن، وثانيهما اشتهر في نهاية القرن العشرين وهو شخصية مستر بين الذي قدمها الممثل روان أتكنسون، وأخرهم المؤثر الذي اشتهر في TikTok  خابي، والذي لاقى شهرته في القرن الواحد والعشرين.

‏جميع هؤلاء المشهورين أعرفهم ويعرفهم الملايين إن لم يكن أكثر، وجميعهم مضحكون. ولكن الشيء المشترك بينهم هم أنهم جميعا اشتهروا دون أن ينطقوا بكلمة! جميعهم أضحكونا بوجودهم و حركاتهم وتواصلهم البشري مع المتابعين.

‏ ما أريد ايصاله لكم، هو أنه لا يلزم الإنسان أن يفعل الشيء العظيم كي يشتهر، البسطاء هم أقرب الناس إلى قلوب البشر، و الأصالة هي ما تجذب الناس. لا يتحتم على المرء إذا ما أراد أن يصنع محتوى ما على وسائل التواصل الاجتماعي أن يسقط نفسه من طائرة مثلاً ويجعل الطائرة تتحطم في الجبال كي يشتهر كما فعل اليوتيوبر الأمريكي تريفور دانيال جايكوب. والآن قد يواجه عقوبة السجن بسبب ذلك!

و أنا لا أقصد بإن المحتوى ليس مهم بل على العكس، المحتوى مهم جداً بجانب الأسلوب الذي سيصل به هذا المحتوى إلى المستقبِل، ولكن ما أرمي إليه هو أنه يمكن للمحتوى أن يكون بسيط وهادف وجاذب ومضحك في آن واحد. يمكن للمحتوى أن يكون محترم وعفيف ومشرف. يمكن للمحتوى أن يصل للمتابع دون أن يكون خادش للحياء أو وفيه جانب من الإسراف أو التعدي على الاخر. 

الناس تحب بساطة المحتوى و أصالة الشخص.. و الأصالة تعني أن يكون الشخص هو نفسه دون أن يكون له حاجة أن يقلد غيره أو أن يتصنع فعل شيء ما لمجرد المشاهدات أو الشهرة.

‏إذا كنت شخص يريد أن ينشر محتوى ما، افعل ما يناسبك ولا تبتدأ بما هو أكبر منك. أبدا بالمحتوى الذي يعجبك وإن كان بسيطاً، فالبساطة و الأصالة هي ما يحبه الناس. لا تبحث عن التعقيد، ولا تضغط على نفسك من أجل محتوى تتوهم بأن الناس يريدونه. الناس تطمح للبساطة و الأصالة، فابدأ بها و جربها!

 

 

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...