الثلاثاء، 27 يونيو 2023

معرض كتاب ناقص!

  

 

 

 

‏معرض الدوحة الدولي للكتاب متعنا في الأسبوع الماضي، كان أكبر و أفضل من كل عام! في كل زاوية تلتفت إليها، تجد ندوة بحثية أو شاعر يلقِ شعراً او شيف يطبخ، هذا كله بجانب الكتب والكُتاب والمقاهي المبعثرة هنا وهناك، نظراً لأن القراءة لطالما ارتبطت بشرب القهوة والشاي! و لكن رغم كل هذه الأجواء الرائعة، كان هناك شيء ناقص..... المعرض كان ينقصه الكتب و الكُتاب و القراء!

‏ سأشرح لكم ما أقصده، كان هناك أكثر من مشهد لفت نظري في المعرض، الأول كان لطابور طويل يقف فيه شباب وشابات ينتظرون فيه توقيع مشهور في اليوتيوب على كتابه.

‏سأقول لكم الصراحة لم يكن ليزعجني هذا المنظر كثيراً لو أنني لم أرى المنظر الثاني، و الذي كانللروائي الكبير واسيني الأعرج الذي كان يقف مبتسماً وهو يوقع رواياته لثلاثة من القراء الذين كان من بينهم، أنا! و من ثم يمشي بين الناس في المعرض دون أن يعرفه أو يتجمهر عليه أحد!

‏قد يظن البعض بأن هذه المقارنة غير عادلة، وهي بالفعل كذلك، فكيف يمكن أن تكون المقارنة عادلة بين يوتيوبر وكاتب في معرض كتاب! ونحن لا نتكلم هنا عن كاتب مبتدئ، بل عن واسيني الأعرج، وهو كاتب حائز على العديد من الجوائز وله العديد من الروايات القيمة. و هنا يحق لنا نسأل: أين القارئ؟ هل اختفى و حل مكانه متابعي يوتيوب و تك توك و انستجرام و تويتر؟ هل أصبح "القارئ" من يقرأ لمؤلفون يجمعون تغريداتهم في كتاب و من ثم ينشرونه؟ هل يقع اللوم على الكاتب الذي فقد اهتمام القارئ أم على القارئ الذي لا يشد انتباهه جملة أطول من سطرين؟

‏هناك أسباب كثيرة للعزوف عن القراءة أو قراءة ما هو سهل و قصير وبسيط فقط، ولكنني سأتكلم عن أحد أهم الأسباب، ألا وهو فقدان التركيز. يقول الكاتب جوهان هاري في كتابه (التركيز المسروق)، بأن الكثير من الناس الآن لا يستطيعون إنهاء قراءة كتاب واحد، حيث أن "فعل" قراءة الكتاب هو من أكثر الأفعال التي تتطلب تركيز، ونحن اليوم نفتقد التركيز بسبب كثرة المعلومات اليومية التي تردنا بالإضافة إلى تصديقنا لكذبة (multitasking) وهو أننا نستطيع أن نقوم بأكثر من عمل واحد في الوقت  نفسه!

و قد أدمنا، علاوة إلى ذلك، العوامل الخارجية التي تحيط بنا مثل التلفونات و السوشل ميديا و الألعاب الرقمية! وهذا يجعلنا غير قادرين على التركيز، فكيف لنا أن نقرأ كتاب أو أن نبحر فيه بعيداً عن اللذة السهلة المتمثلة في الاستلقاء و مشاهدة اليوتيوب أو نتفلكس أو لعب لعبة، لا تتطلب تعمقاً أو سكوناً على السوني أو الاكس بوكس!

‏أتمنى أن نعترف بالمشكلة التي تواجهنا حيال القراءة اليوم، لئلا نقيم كل عام معرض كتاب جميل و مزدحم و مليء بالفعاليات والأحداث، وينقصه فقط، الكُتب و الكُتاب والقراءة!

 

جواهر آل ثاني 

صحيفة الشرق

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...