الخميس، 24 أكتوبر 2013

ما بين الزمان و المكان

(١)
زرت في روما البرلمان الإيطالي والقصر الرئاسي ومحكمة التمييز، وكان بنيان هذه الأماكن أحدث عمراً من كل الأماكن الأخرى التي مررت بها هناك، ورغم ذلك كان في كل زاوية قصة ورسمة، وفي كل مكان وُجد دليل على قدسيته وهيبته.
هذا ما ينقصنا في دوائرنا الرسمية، روح المكان الذي يؤثر بدوره على روح قاطنيه وزواره.

(٢)
كتب العلماء أكثر من الأدباء عن الزمان والسفر عبره، ولكن لم يغذ هذه الفكرة إلا الأدباء، ولو أن هذه الزاوية خُصصت لغير مقال، لكتبت عن رجل من القرن الواحد والعشرين زار فرعون مصر قبل ميلاد المسيح بقرون وهو يخطب قائلاً: «أنا ربكم الأعلى!»، ولكن احتراماً لهذه الزاوية سأكتب فقط أن السفر عبر الزمان ممكن لكل شيء ما عدا الإنسان، فالتماثيل التي من حجر، والرسومات الملونة على الأقمشة، والكتب التي سُطرت على الورق، ما كانت لتصل إلينا لولا سفرها عبر الزمن وتحملها كل مشاقه ومتاعبه، ونحن نختار لهذه الأشياء سفرها ووجهتها وضياعها ووصولها، ونحن من يبقيها أو يدمرها. ولهذا يجب أن تكون أول اهتماماتنا وأعظم مشاغلنا الاهتمام بآثارنا وبصماتنا والحفاظ على تاريخنا.

(٣)
قيل سابقاً: «أعطني مسرحاً أعطك شعباً عظيماً». لم تُقَل مقولة كهذه عن معمل ما أو مصنع أو مرسم، بل قُصرت على المسرح، حيث إنه يخلق الحياة من سطور الكتب وعلى شفاه الممثلين، ويصل إلى الجمهور الذين تربطهم الأحاسيس الجياشة والدموع الحارة بمقاعدهم. 
من رحم المسارح والفن تُولد الشعوب، وفي ابتعادها عنها تضمحل، لأنها ما يقوي الصلات الإنسانية في المجتمع، والدول وإن كبرت دون فن تكبر دون جمال وبلا روح، ولا أهمية عندها للزمان ولا المكان.


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة #العرب القطرية.
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...