الخميس، 31 أكتوبر 2013

الإسلام الحقيقي

الإسلام هو دين يسر وبساطة واعتدال، وليس ديناً يستند إلى التطرف والغلو، أما مشكلتنا الحقيقية فهي ليست في التعبير عنه، حيث إن العرب منذ غابر الأزمنة لديهم القدرة على الكلام والنظم والخطابة، وهذه المقدرة تتفوق على مقدرة أية أمة أخرى حتى الآن، ولكن مشكلتنا في فهمه الصحيح وتطبيقه من بعد ذلك.
فمشكلتنا تبدأ ولا تنتهي عند كره الشيعي للسني وكره السني للشيعي، وكلاهما ينسيان أن الدين الذي يتمسكون به عند الخلاف يأمرهم قائلاً: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً».
تستمر مشاكلنا عند الدين الذي سُيس، والسياسة التي تدينت، والمجموعات الإرهابية التي تتغطى بغطاء الجهاد لتخلف القتلى والمجروحين وضحاياها من الشباب المُضللين.
وتتكرر خيبات أملنا عندما نرى من يسافر ليُقبل على كل شيء إلا لحم الخنزير!
وتزداد الخيبات عند خلط الناس ما بين العادات والتقاليد -أو كما سماها القرآن «سنة الأولين»- والدين، والإسلام أبعد ما يكون عن هذه الممارسات التي ينسبها البعض له لأهدافه الشخصية والأيديلوجية.
مشكلتنا لا تنتهي، وتبدأ عند من يعتقد أن الإسلام غاية، لا وسيلة يصل بها الشخص إلى المرتبة التي يريدها الله من الإنسان عبر الأدوات التي وُفرت له.
مشكلتنا هي أننا نريد الدين على هوانا، ولهذا أوجدنا في الإسلام مذاهب كثيرة، يتفرع منها طوائف عديدة، وكل أحد من أجزائهما يتعمق في مجاله ومن منظوره، والكل يقول: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب!
ما يجمع مشاكلنا كلها باختصار ويصلها بحبل هو عدم مقدرتنا على تصور مدى بساطة ديننا الحنيف الذي يعظم الدعاء ويُكبر الابتسامة، ويحض على عمل الخير حتى ولو كان في صورة إماطة أذى عن الطريق، أو إطعام حمامة على جبل ما، أو زيارة قريب أو حبيب.
ديننا ضمن بين طياته مواقف تحمل أفعالاً تصاحبها ردود فعل لتكون عبرة لمن يريد أن يتعظ: «وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ»، وردة الفعل لم تكن ولن تكون أبداً القتال.
حل مشكلة فهمنا الخاطئ للدين يوجد في كلمة واحدة لخصت دروساً كثيرة، ولم يكن نزولها في القرآن كأول كلمة إلا درساً في حد ذاته. (اقرأ) هي ما ستجعلنا نفهم ديننا العظيم الفهم الذي نحتاجه لكي نرقى به ولنعبر عنه، كما قُدر له لا كما اخترنا نحن، لنعبر عن ديننا بمعانيه وأهدافه وروحانيته لا بأعمالنا ومقاصدنا وشخصياتنا.
فلنقرأ لكي نصل إلى بر الحقيقة، حيث إن من يصل إليها، يصل محباً، صبوراً، عالماً، وهذه هي أخلاق الإسلام، وهذا هو ما نحتاج فهمه.


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...