(1)
أكتب عنوان المقال وأنا أفكر بمستشفى حقيقي أعرفه على أرض الواقع يدخله أو ينزل فيه نزلاؤه وزواره فيمرض من يمرض منهم، أو تنتقل إليه عدوى ما، ولكنني لن أكتب عن هذا المستشفى -الآن على الأقل- بل سأتحدث عن مستشفى «خيالي» أكبر منه وأعقد منه يحوي بلداناً وجماعات، وأناساً بسطاء، وأناساً نافذين، وفئة صامتة، وفئة صارخة، وفئة عاقلة، وفئة مجنونة، ودواب، ومذاهب، وعقائد، وأديان، ولغات متعددة، بعدد غرف وأجنحة هذا المستشفى، الذي سأسميه بمستشفى العلاجات الرشيدة والبيطرة اليسيرة، وكاختصار سأسميه بالمستشفى «العربي».
(2)
يشجع المستشفى العربي مرضى القيم وأصحاب العلل النفسية والدينية والملحدين والحائرين بين الثقافات واللغات والباحثين عن غياهب الأمور واللاهوت والعلوم الإنسانية والطبيعية على زيارة المستشفى للحصول على الاستشارة أو العلاج الصحيح دائماً والمعد مقدماً، فشعار «العربي»: «في كل شخص منكم علة، وعلاجها وتخليصك منها علينا! أطباؤنا علماء أجلاء، وغيرهم من أنظارهم في كل مكان جاهلون!». يرى الكثير في شعارات «العربي» أملاً سيخلصه من وجع حل به أو مصيبة وقعت عليه، ويرى البعض في دعايات المستشفى تضليلاً عن الطريق السليم وأوهاماً لحياة يكون التلقين أساسها والولاء الأعمى عمادها. تنجح الدعاية فيلتحق الكثير بالمستشفى لمداواة عللهم أو التعلل بمداواتها، وينأى البعض عنه مفضلين أن يعالجوا أسئلتهم واستفساراتهم وحدهم، أو أخذ الاستشارات من مكان آخر.
(3)
تشعر وأنت تقرأ عن «العربي» بأنه مجمع لكل قيم ومبادئ وأساسيات وأخلاق العلوم الطبيعية والإنسانية، ومع ذلك فأنت تشاهد من بعيد خروج مختلف الأصناف والفئات منه، العاقل والمجنون والإرهابي والمحسن والعاق والمكثر والمقل والخيّر والشرير والسيء والجيد والحمار والذئب والكاذب والمتحول والسارق والعاف والفاجر والمنافق والمؤمن والملحد والأشقر والعنصري والمقاوم والمتعلم والأمي والرجعي والتقدمي والحمص والكنافة الذي يحطم «العربي» رقمه بهما في «غينيس» كل سنة بصحن أكبر!
(4)
أين الخلل في الأمر؟ هل هو في سوء نية أو حسن نية «العربي»؟ أم في الفجوة الواقعة بين الغايات التي تهدف إلى القيم والأخلاق والعلم، والتطبيق العملي على أرض الواقع؟ أم أن المشكلة في من يسمح بالتحكم عن بعد «بالعربي» وأفراده كقطع شطرنج؟ أم أن الموضوع أسهل من ذلك، ويمكن اختصاره في كلمة نفاق المدخلات على حساب المخرجات؟.
-لا يُسعفني المنطق بأي جواب.
-هل هو مستشفى مجانين؟ ومن هم مجانينه الإدارة أم النزلاء؟
-لا أعرف.. كل ما جرني إليه خيالي هو أنه مستشفى يُمرض نزلاءه!
أكتب عنوان المقال وأنا أفكر بمستشفى حقيقي أعرفه على أرض الواقع يدخله أو ينزل فيه نزلاؤه وزواره فيمرض من يمرض منهم، أو تنتقل إليه عدوى ما، ولكنني لن أكتب عن هذا المستشفى -الآن على الأقل- بل سأتحدث عن مستشفى «خيالي» أكبر منه وأعقد منه يحوي بلداناً وجماعات، وأناساً بسطاء، وأناساً نافذين، وفئة صامتة، وفئة صارخة، وفئة عاقلة، وفئة مجنونة، ودواب، ومذاهب، وعقائد، وأديان، ولغات متعددة، بعدد غرف وأجنحة هذا المستشفى، الذي سأسميه بمستشفى العلاجات الرشيدة والبيطرة اليسيرة، وكاختصار سأسميه بالمستشفى «العربي».
(2)
يشجع المستشفى العربي مرضى القيم وأصحاب العلل النفسية والدينية والملحدين والحائرين بين الثقافات واللغات والباحثين عن غياهب الأمور واللاهوت والعلوم الإنسانية والطبيعية على زيارة المستشفى للحصول على الاستشارة أو العلاج الصحيح دائماً والمعد مقدماً، فشعار «العربي»: «في كل شخص منكم علة، وعلاجها وتخليصك منها علينا! أطباؤنا علماء أجلاء، وغيرهم من أنظارهم في كل مكان جاهلون!». يرى الكثير في شعارات «العربي» أملاً سيخلصه من وجع حل به أو مصيبة وقعت عليه، ويرى البعض في دعايات المستشفى تضليلاً عن الطريق السليم وأوهاماً لحياة يكون التلقين أساسها والولاء الأعمى عمادها. تنجح الدعاية فيلتحق الكثير بالمستشفى لمداواة عللهم أو التعلل بمداواتها، وينأى البعض عنه مفضلين أن يعالجوا أسئلتهم واستفساراتهم وحدهم، أو أخذ الاستشارات من مكان آخر.
(3)
تشعر وأنت تقرأ عن «العربي» بأنه مجمع لكل قيم ومبادئ وأساسيات وأخلاق العلوم الطبيعية والإنسانية، ومع ذلك فأنت تشاهد من بعيد خروج مختلف الأصناف والفئات منه، العاقل والمجنون والإرهابي والمحسن والعاق والمكثر والمقل والخيّر والشرير والسيء والجيد والحمار والذئب والكاذب والمتحول والسارق والعاف والفاجر والمنافق والمؤمن والملحد والأشقر والعنصري والمقاوم والمتعلم والأمي والرجعي والتقدمي والحمص والكنافة الذي يحطم «العربي» رقمه بهما في «غينيس» كل سنة بصحن أكبر!
(4)
أين الخلل في الأمر؟ هل هو في سوء نية أو حسن نية «العربي»؟ أم في الفجوة الواقعة بين الغايات التي تهدف إلى القيم والأخلاق والعلم، والتطبيق العملي على أرض الواقع؟ أم أن المشكلة في من يسمح بالتحكم عن بعد «بالعربي» وأفراده كقطع شطرنج؟ أم أن الموضوع أسهل من ذلك، ويمكن اختصاره في كلمة نفاق المدخلات على حساب المخرجات؟.
-لا يُسعفني المنطق بأي جواب.
-هل هو مستشفى مجانين؟ ومن هم مجانينه الإدارة أم النزلاء؟
-لا أعرف.. كل ما جرني إليه خيالي هو أنه مستشفى يُمرض نزلاءه!
جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق