في وقت تلتصق فيه أعين الأطفال قبل النساء والرجال بالجوالات والألوحة المكتبية.. لم يسعني غير التساؤل عن مدى إمكانية الانفصال عن هذه الأجهزة وتطبيقاتها وبرامجها. ولربما لذلك أو لحاجتي لفسحة غير مرئية تفصلني عن الناس، قررت الانقطاع عن وسائل التواصل الاجتماعي والتواصل مع نفسي لبضعة أيام.
ماذا حدث خلال مدة التوقف؟ لا شيء. لم تنقلب الدنيا ولم تقعد. لم يتغير شيء، واكتشفت أني غير مصابة بحالة الفومو FOMO والتي ترمز إلى الخوف من فوات شيء أو معلومة على الفرد دون أن يعرفها أولاً بأول، وهي الحالة التي أصابت البعض بعد سيطرة تطبيقات التواصل الاجتماعي على حياتنا. وأقول لمصابي الفومو: كل الأشياء المهمة التي احتجت معرفتها وصلتني أولاً بأول إما في البيت أو الشارع أو مكان العمل.. فمع وجود الفومو، ازدهرت حالة أخرى موجودة منذ زمن قديم وهي حب مشاركة الأخبار والصور والفيديوهات مع الناس عن طريق الاتصال الشخصي المباشر. فما إن تجلس مع شخص حتى يُخبرك بكل ما اطلع عليه بالأمس من صور ومقاطع فيديو وأخبار في جلسة واحدة وكأنه واجب عليه!
خلال فترة الاقطاع قرأت واطلعت وشاهدت وسمعت وناقشت الكثير. الوقت بدا أطول وكانت الاستفادة أكبر. وعرفت أن الكثير لن يشعر بهذا الانقطاع، لانشغالهم بأنفسهم كانشغالي بنفسي.. وفي عالم سريع وصغير كهذا لن تهم المجاملات الاجتماعية السطحية.
قلت سابقاً: تطبيقات التواصل الاجتماعي مهمة ولكنها شيء لا كل شيء. والآن أفهم أكثر أن التركيز على الأولويات والحفاظ على الوقت أهم، وأن تبقي عينك على ساعتك هو كل شيء. أي ساعة تسأل؟ ساعة أعمالك وأهدافك وأحلامك ومشاغلك ووقتك مع عائلتك وأصحابك، وبعض من الروتين وقليل من العفوية.
قليل من قطع حبال التواصل الرقمي مطلوب كل فترة، وفترة للنقاهة، وراحة نفسية وروحية واجتماعية في عصرنا المتشبع بالشبكات السلكية واللاسلكية، أو كما يسميه بعض الكتاب الدايت أو الديتوكس الرقمي أو التكنولوجي، ولهذا أضحى الطلب كبيرا على منتجعات كثيرة لا تقدم خدمات الإنترنت في أميركا وإفريقيا وأوروبا. هي فسحة صغيرة من البساطة والخصوصية التي أصبحت يوماً بعد يوم من الكماليات التي نطمح إليها.
اذهبوا وتمسكوا ببعض من فسحتكم!
جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر
ماذا حدث خلال مدة التوقف؟ لا شيء. لم تنقلب الدنيا ولم تقعد. لم يتغير شيء، واكتشفت أني غير مصابة بحالة الفومو FOMO والتي ترمز إلى الخوف من فوات شيء أو معلومة على الفرد دون أن يعرفها أولاً بأول، وهي الحالة التي أصابت البعض بعد سيطرة تطبيقات التواصل الاجتماعي على حياتنا. وأقول لمصابي الفومو: كل الأشياء المهمة التي احتجت معرفتها وصلتني أولاً بأول إما في البيت أو الشارع أو مكان العمل.. فمع وجود الفومو، ازدهرت حالة أخرى موجودة منذ زمن قديم وهي حب مشاركة الأخبار والصور والفيديوهات مع الناس عن طريق الاتصال الشخصي المباشر. فما إن تجلس مع شخص حتى يُخبرك بكل ما اطلع عليه بالأمس من صور ومقاطع فيديو وأخبار في جلسة واحدة وكأنه واجب عليه!
خلال فترة الاقطاع قرأت واطلعت وشاهدت وسمعت وناقشت الكثير. الوقت بدا أطول وكانت الاستفادة أكبر. وعرفت أن الكثير لن يشعر بهذا الانقطاع، لانشغالهم بأنفسهم كانشغالي بنفسي.. وفي عالم سريع وصغير كهذا لن تهم المجاملات الاجتماعية السطحية.
قلت سابقاً: تطبيقات التواصل الاجتماعي مهمة ولكنها شيء لا كل شيء. والآن أفهم أكثر أن التركيز على الأولويات والحفاظ على الوقت أهم، وأن تبقي عينك على ساعتك هو كل شيء. أي ساعة تسأل؟ ساعة أعمالك وأهدافك وأحلامك ومشاغلك ووقتك مع عائلتك وأصحابك، وبعض من الروتين وقليل من العفوية.
قليل من قطع حبال التواصل الرقمي مطلوب كل فترة، وفترة للنقاهة، وراحة نفسية وروحية واجتماعية في عصرنا المتشبع بالشبكات السلكية واللاسلكية، أو كما يسميه بعض الكتاب الدايت أو الديتوكس الرقمي أو التكنولوجي، ولهذا أضحى الطلب كبيرا على منتجعات كثيرة لا تقدم خدمات الإنترنت في أميركا وإفريقيا وأوروبا. هي فسحة صغيرة من البساطة والخصوصية التي أصبحت يوماً بعد يوم من الكماليات التي نطمح إليها.
اذهبوا وتمسكوا ببعض من فسحتكم!
جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق