عند مشاهدتي للحلقات الأولى من برنامج الصدمة المعروض حالياً على قناة إم بي سي، حملت مشاعر متضاربة نحوه، أعترف بأنني لم أعرف المقصد منه تماماً، هل كان إضحاك المشاهد والمشارك أم استفزازه وإبكاؤه؟ ظنوني كانت حصيلة برامج الكاميرا الخفية العربية، التي تهدف جميعها إلى إضحاك المشاهد عبر إخافة المشاركين فيها، وفي حالات قليلة عن طريق الضحك معهم!
اليوم وبعد عرض أكثر من عشر حلقات من برنامج الصدمة، أستطيع القول بأنني بدأت أؤمن بالعلاج عن طريق الصدمة، أخذت أصدق بالتغيير. ردود الفعل اتجاه البرنامج أبهرتني، فالناس شاهدت مشاهد تمثيلية تحدث كل يوم على أرض الواقع، ولربما الكثير منهم لم يفعل شيئا ويتدخل في وقتها، لكنهم شاهدوا على التلفاز ناسا حقيقيين مثلهم يتدخلون ويحتجون في مواقف تحمل معاني الإنسانية والأخوة. هذه المشاهدات أعطت وستعطي دفعة خفية لمن يتردد مستقبلاً في الدفاع عن ضعيف أو الذود عن حق، أصبح للناس أسباب للتكلم والاحتجاج بعد أن كان لهم أسباب للامتناع عن الكلام والتدخل، أسباب غير مقنعة كثقافة العيب أو دوافع غير منطقية مثل كونه موضوع خاص أو عائلي لا يخص المشاهد، أو كون المواقف كثيرة و لا مجال للتدخل فيها جميعا، أو الأخيرة المتعبة “لا أحد يريد المشاكل!”. نعم مجتمعاتنا العربية ذات طابع قبلي، لا نحب أن تخرج المشاكل من إطاره، لكن هناك معاني أسمى وأرفع كرفع الظلم وتقبل الشخص المختلف والرأفة والتعايش، نعم لا نريد أية مشاكل، لكن القانون يحمي المحامي عن الضعيف والمتكلم بالحق بقدر ما يحمي الضحية ولا يحمي الجلاد! ولنا أمثلة واقعية في مقطع الفيديو المنتشر قبل عدة أشهر في السعودية، لشباب رأوا طفلة ذات ثلاث سنوات تختطف من أمام باب محل، فلحقوا المختطف وأمسكوه واستعادوا الطفلة، ثم انتظروا لحين وصول الشرطة. هل قال أحدهم لا نريد مشاكل؟
أو فلنكتفي بإبلاغ الشرطة؟ لا، ولن يفكر أياً منا بهذه الطريقة لو أن الطفلة كانت ابنة أو أختا أو صديقة لنا.
الصدمة درس قاس لمن يريد أن يتقوقع في عالمه، لا يضر ولا ينفع، لكن ما فائدة الإنسان إن لم تكن له أفعال وردود فعل؟
الشخص الذي يكمل يومه بلا ردة فعل ليس شخصاً عاجز، بل ميت، وجوده والعدم سواء. الشجاعة كل الشجاعة أن يكون الشخص هو المبادر الأول لا الثاني أو الثالث، وإن كان ذلك مهماً وله قدره، فمهمة الأول صعبة وهمة الثاني تُفترض سهولتها.
احرصوا على أن تكون لكم ردة فعل، وكونوا المبادرين الأوائل، وفي أضعف الإيمان من يأتون بعدهم، فالله يعطي القوة لمن يشاء ويسلبها ممن يشاء، وكل القوة في مساعدة الضعيف، وكل الضعف في السكوت عن الحق والرضوخ للواقع.
يقول أندريه دو بوشيه: أكتب كي لا تظل يداي عاريتين!
وفي الغالب قصد كما أقصد: العري الملبوس بعار الصمت وعدم الاحتجاج!
جواهر محمد عبد الرحمن آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر
اليوم وبعد عرض أكثر من عشر حلقات من برنامج الصدمة، أستطيع القول بأنني بدأت أؤمن بالعلاج عن طريق الصدمة، أخذت أصدق بالتغيير. ردود الفعل اتجاه البرنامج أبهرتني، فالناس شاهدت مشاهد تمثيلية تحدث كل يوم على أرض الواقع، ولربما الكثير منهم لم يفعل شيئا ويتدخل في وقتها، لكنهم شاهدوا على التلفاز ناسا حقيقيين مثلهم يتدخلون ويحتجون في مواقف تحمل معاني الإنسانية والأخوة. هذه المشاهدات أعطت وستعطي دفعة خفية لمن يتردد مستقبلاً في الدفاع عن ضعيف أو الذود عن حق، أصبح للناس أسباب للتكلم والاحتجاج بعد أن كان لهم أسباب للامتناع عن الكلام والتدخل، أسباب غير مقنعة كثقافة العيب أو دوافع غير منطقية مثل كونه موضوع خاص أو عائلي لا يخص المشاهد، أو كون المواقف كثيرة و لا مجال للتدخل فيها جميعا، أو الأخيرة المتعبة “لا أحد يريد المشاكل!”. نعم مجتمعاتنا العربية ذات طابع قبلي، لا نحب أن تخرج المشاكل من إطاره، لكن هناك معاني أسمى وأرفع كرفع الظلم وتقبل الشخص المختلف والرأفة والتعايش، نعم لا نريد أية مشاكل، لكن القانون يحمي المحامي عن الضعيف والمتكلم بالحق بقدر ما يحمي الضحية ولا يحمي الجلاد! ولنا أمثلة واقعية في مقطع الفيديو المنتشر قبل عدة أشهر في السعودية، لشباب رأوا طفلة ذات ثلاث سنوات تختطف من أمام باب محل، فلحقوا المختطف وأمسكوه واستعادوا الطفلة، ثم انتظروا لحين وصول الشرطة. هل قال أحدهم لا نريد مشاكل؟
أو فلنكتفي بإبلاغ الشرطة؟ لا، ولن يفكر أياً منا بهذه الطريقة لو أن الطفلة كانت ابنة أو أختا أو صديقة لنا.
الصدمة درس قاس لمن يريد أن يتقوقع في عالمه، لا يضر ولا ينفع، لكن ما فائدة الإنسان إن لم تكن له أفعال وردود فعل؟
الشخص الذي يكمل يومه بلا ردة فعل ليس شخصاً عاجز، بل ميت، وجوده والعدم سواء. الشجاعة كل الشجاعة أن يكون الشخص هو المبادر الأول لا الثاني أو الثالث، وإن كان ذلك مهماً وله قدره، فمهمة الأول صعبة وهمة الثاني تُفترض سهولتها.
احرصوا على أن تكون لكم ردة فعل، وكونوا المبادرين الأوائل، وفي أضعف الإيمان من يأتون بعدهم، فالله يعطي القوة لمن يشاء ويسلبها ممن يشاء، وكل القوة في مساعدة الضعيف، وكل الضعف في السكوت عن الحق والرضوخ للواقع.
يقول أندريه دو بوشيه: أكتب كي لا تظل يداي عاريتين!
وفي الغالب قصد كما أقصد: العري الملبوس بعار الصمت وعدم الاحتجاج!
جواهر محمد عبد الرحمن آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق