(1)
قراءتي هذه الأيام هي رواية The catcher in the rye للكاتب الأميركي J. D. Salinger. ولربما ما شدني إليها هو ما شد غيري لها، وهو ما كُتب ونُشر عنها. فهي الرواية التي مُنع تدريسها لسنوات طويلة في المدارس الأميركية، التي رغم ذلك كانت الأكثر قراءة بين الشباب. هي الرواية التي تمسك بها قاتل المغني جون لينن، وقال إنها تصريحه، وإنها ما يتكلم بدلاً عنه.
أياً كانت دوافع قراءة الرواية، لا يمكن لأحد إنكار أهمية الرسائل والمعاني التي تحملها في طياتها من براءة الأطفال وحتى زيف الراشدين، كل من سيقرأ الرواية سيشعر وسيفهم مقاصد الكاتب. المزيفون حولنا في كل مكان، ولا يسعنا لا إبعادهم ولا إطفاء لمعة الزيف التي تحوطهم، ولكن يسع كل منا ألا يكون مزيفا آخر في هذا العالم.
(2)
الزيف هو ادعاء المثالية، هو ادعاء النقصان، هو ادعاء المرء بأنه على طبيعته، وهو أي ادعاء يسبقه التفكير بردود فعل الناس.
السياسيون يقولون للجماهير ما تريد سماعه وإن لم توجد نية تنفيذ، المحامون يلبسون ربطة العنق ليشعروك بالثقة والراحة، الطبيب النفسي يرشدك إلى كنبته الطويلة لتستلقي عليها، وتحس وتتصرف على أنك في بيتك، المناسبات الرسمية، خاصة العائلية مليئة بالمجاملات والنفاق، كلها أمور غير حقيقية مثل دموع التماسيح، موجودة، ولكن الحزن لا يسكن منابعها.
(3)
كن على طبيعتك، لا تكن مزيفاً، لا تعمل ما لا تحب لأنه الأنسب، لا تلعب ما لا يستهويك تقليداً لغيرك، لا تسمع ما لا يجعلك ترقص على أطراف أصابعك أو ما لا يجعلك على الأقل تنقر الطاولة بأصابعك، لا تضيع وقتك مع من يضيعه، لا تخرج مع من يضجرك، لا تكتب على الشبكات الاجتماعية ما لا يمثلك إرضاء للآخرين أو خوفاً منهم، لا تتبع التيار إن لم يعجبك اتجاهه، ولا تسبح ضد التيار فقط لتكون عكسه، فتجد نفسك وحيداً بعد ذلك.
يذكر J. D. Salinger في الرواية مقولة للطبيب النفسي ويلهيلم ستيكل يقول فيها: «علامة الرجل غير الناضج هو رغبته النبيلة في أن يموت من أجل قضية، وعلامة الناضج في رغبته بالعيش متواضعاً من أجل قضية».
اختر قضاياك سواء عشت أو مت بسببها.. فبها تكون حقيقياً، وخذ كل الحذر من رؤية العالم عبر عيون غيرك، فتنسى بريق عينيك وتخمد روحك.
جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق