السبت، 10 ديسمبر 2016

ابحث عن المرأة

بعد أكثر من ٤٠ سنة، اعترفت كارول برنيت، أول مقدمة برامج منوعة أميركية للتلفزيون، بأنها لم تكن تحب المواجهة عندما يتعلق الأمر ببرنامجها.. “برنامج كارول برنيت” وأنه إذا ما كان نص البرنامج المقترح تصويره سيئاً، كانت تقترح أخذ الآراء المختلفة بدل إخبار الكُتّاب والمسؤولين عن البرنامج مباشرة وبشكل صريح بأنه شنيع، خوفاً من اعتبارها وقحة وبلا أدب!.
اليوم، وإن كانت النظرة قد تغيرت بشكل كبير نحو المرأة وقت إبدائها لرأيها، فلا يزال الوضع بدائياً عندما تتم مقارنته بالرجل الذي له أن يقول ما يريده بشكل جريء دون أن يعتبر وقحاً أو متعدياً على الأعراف والعادات، ومن الأشياء المميزة لوقتنا هذا، تَبَنِّي حديث عميق حول المرأة وحقوقها وضرورة وجودها في جميع الأماكن وعلى كل الأصعدة لتحقيق التنمية والازدهار في المجالات المختلفة.
الآن، نسمع الكثير عن وجوب تساوي الأجور بين الجنسين، وخاصة في هوليوود، المكينة الإعلامية الأكثر تأثيراً على العالم أجمع، لا الولايات الأميركية المتحدة فقط، وقد تحدث الممثلون سواء من الذكور أو الإناث حول هذا الموضوع، منهم فائزون بجائزة الأوسكار مثل جينفر لورنس وباتريشا أركيت، وهذا يأخذني إلى قصة باحت بها الممثلة الأميركية الرائعة هيلاري سوانك، والتي تم عرض عليها فيلم بعد فوزها بجائزتي أوسكار، كان الأجر فيه ٥٠٠ ألف دولار فقط فيما عُرض على الممثل الرئيس معها ١٠ ملايين دولار رغم عدم نجاحه الكبير ووجوده في الفيلم لوسامته ليس إلا! رفضت سوانك الدور ليتم عرضه على ممثلة أخرى قبلت فيه بأجر وقدره ٥٠ ألف دولار!
تواجه المرأة حول العالم قضية عدم تساوي الأجور بينها وبين الرجل عند القيام بالعمل نفسه، ومن الأمور الحميدة في قطر، عدم مواجهة المرأة لهذه المشكلة لحماية الدستور والقانون لها في هذا الشأن، ولكن لدينا معضلة أخرى في قطر وعلى مستوى الدول العربية، ألا وهي عدم وجود الثقة في المرأة لتولي المناصب المهمة أو القيادية، فنرى أكثرية الحقائب الوزارية للرجال، ومعظم الوفود الدولية ومجالس البرلمان والبلدية ومجالس إدارة الشركات الخاصة والعامة خالية من العنصر النسائي.
ليس المطلوب هنا وضع امرأة في منصب مهم أو قيادي مقابل كل رجل يتم تعيينه في منصب قوي؛ لأن ذلك لا يخدم المرأة ولا الرجل ولا المجتمع، والمطلوب أن تتم التعيينات بناء على الكفاءة والعمل الجادّ بغض النظر عن جنس الشخص، بجانب الاعتراف بوجود سيطرة ذكورية في المجتمع وبيئة العمل.
لا يجب اعتبار كون المرأة أنثى ضعفاً أو نقطة تُحسب ضدها. القول بأن كون المرأة أنثى سيؤثر على عملها سلباً، أو لن يخدمه على الأقل، إما لفرط مشاعرها الجياشة أو عدم تركيزها على عملها أو إعطائها الأهمية الأكبر لبيتها وعائلتها، خاطئ حيث إن الكثير من الرجال يولون عوائلهم أيضاً الأولوية القصوى، وبغير خطأ منهم!.
وفقاً لتقرير الفجوة العالمية بين الجنسين لعالم ٢٠١٦، فالمساواة في الأجور بين الجنسين لن تتحقق قبل عام ٢١٨٦! وأتمنى أن يعمل الرجل والمرأة على تحقيق المساواة بينهما سواء في الأجور أو الحقوق الأخرى قبل مرور كل تلك السنين.



جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...