حاجات ورغبات الإنسان هي ما تصنعه وتكونه. هي ما تجعله هو، وغيره.. غيره. يستطيع الإنسان أن يصل إلى الشخص الذي يريد أن يصبحه، عن طريق تحديد حاجاته ورغباته المناسبة له. ولكن ما الفرق بين الحاجات والرغبات؟ وهل يصعب التفريق بينهما؟
لا. يسهل التمييز بين الرغبات والحاجات بالنسبة للعاقل وإن اختلفت الإجابات حول ماهية الرغبات والحاجات.
الحاجات هي ما يصعب العيش من دونه بدرجة كبيرة، مثل الدواء للمريض والماء والهواء النظيف للطفل. أما الرغبات، فهي السيارة في عيد ميلاد 18 وهاتف الجوال الذهبي الجديد، والتشيز كيك في المخبز المقابل للبيت.
لا تختلف احتياجات الإنسان عن غيره من البشر كثيراً. كلنا في حاجة إلى المكان الآمن والرزق اليومي والبيئة النظيفة المستدامة. وكلنا نرغب بشكل أو بآخر، أشياء تسعدنا أو تطمئننا أو نجربها أو تبعد عنا الملل أو نشابه بها غيرنا. هذه بعض وظائف رغباتنا في عصر الاستهلاك والهجوم الإعلامي على حواسنا. نشعر بتعقيدها عندما نقارنها برغبات أجدادنا قبل أكثر من 100 سنة والمتمثلة في أشياء مثل تذوق فواكه الشام أو رؤية زوج لولده قبل أن تأكله الأمراض.
من المهم جداً للإنسان أن يحدد في شكل نقاط، حاجاته ورغباته ويعرف الفرق بينهما. سيعاونه ذلك على بناء أهدافه في الحياة والطريق العابر إليه.
معرفة احتياجات المرء قد تكون أسهل من معرفته لرغباته لكن الفرض الملقى في هذه المقالة سيساعد القارئ كثيراً.
ماذا لو قلت لك: لن يكون المال والوقت والشهرة، مشكلة بالنسبة لك وأن كل عامل منهم سيكون في يدك، بماذا سترغب وقتها؟ هل ستسعى وراء شريك حياة، تعتني به ويعتني بك؟ هل سترغب بإدارة مطعم تقدم فيه أطباق بلدك للآخرين؟ هل ستسافر حول العالم لمساعدة الأطفال العاجزين أمام عنف الحروب؟ هل ستمضي وقتك في غرفة بين كتبك تقرأ وتكتب ما تيسر لك من الأفكار والأسفار؟ هل ستفعل ما يسعدك سواء أكان ذلك الغناء أو الرقص أو العمل المكتبي أو التصوير أو سماع الموسيقى؟ هذه هي الرغبات الحقيقية البعيدة عن الرغبات المادية قصيرة الإقامة في الروح. فرق بين الاثنتين لتعيش سعيداً قنوعاً بانتصاراتك الصغيرة قبل الكبيرة. وإن كنت تعاني من كثرة رغباتك -لا حاجاتك- المادية، فتخيل معي ما يلي:
اضطررت لأن تجالس طفلك أو طفل غيرك، وكان شديد التطلب والطلبات. يريد كل شيء ويريده الآن! لن يصمت الطفل ولن يكف عن البكاء والصراخ حتى تلبي له جميع طلباته المستحيلة. ماذا ستفعل وقتها كي يسكت ويهدأ؟
افعل الشيء نفسه مع نفسك. ولا تعطها فرصة الصياح مرة أخرى. تخيل هذا الطفل في داخلك واحرص على بقائه هادئاً قانعاً بالموجود، فطبيعة الإنسان عدم الرضا بل والسخط في كثير من الأحيان. والعالم اليوم يزيد الإنسان سخطاً ويدفعه في ذلك الاتجاه، وكل ما على الإنسان فعله أن يلتف حول الواقع، ويحدد ابتداء ما يحتاجه وما لا يحتاجه.. ما يريده وما لا يرغب به.
جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر
لا. يسهل التمييز بين الرغبات والحاجات بالنسبة للعاقل وإن اختلفت الإجابات حول ماهية الرغبات والحاجات.
الحاجات هي ما يصعب العيش من دونه بدرجة كبيرة، مثل الدواء للمريض والماء والهواء النظيف للطفل. أما الرغبات، فهي السيارة في عيد ميلاد 18 وهاتف الجوال الذهبي الجديد، والتشيز كيك في المخبز المقابل للبيت.
لا تختلف احتياجات الإنسان عن غيره من البشر كثيراً. كلنا في حاجة إلى المكان الآمن والرزق اليومي والبيئة النظيفة المستدامة. وكلنا نرغب بشكل أو بآخر، أشياء تسعدنا أو تطمئننا أو نجربها أو تبعد عنا الملل أو نشابه بها غيرنا. هذه بعض وظائف رغباتنا في عصر الاستهلاك والهجوم الإعلامي على حواسنا. نشعر بتعقيدها عندما نقارنها برغبات أجدادنا قبل أكثر من 100 سنة والمتمثلة في أشياء مثل تذوق فواكه الشام أو رؤية زوج لولده قبل أن تأكله الأمراض.
من المهم جداً للإنسان أن يحدد في شكل نقاط، حاجاته ورغباته ويعرف الفرق بينهما. سيعاونه ذلك على بناء أهدافه في الحياة والطريق العابر إليه.
معرفة احتياجات المرء قد تكون أسهل من معرفته لرغباته لكن الفرض الملقى في هذه المقالة سيساعد القارئ كثيراً.
ماذا لو قلت لك: لن يكون المال والوقت والشهرة، مشكلة بالنسبة لك وأن كل عامل منهم سيكون في يدك، بماذا سترغب وقتها؟ هل ستسعى وراء شريك حياة، تعتني به ويعتني بك؟ هل سترغب بإدارة مطعم تقدم فيه أطباق بلدك للآخرين؟ هل ستسافر حول العالم لمساعدة الأطفال العاجزين أمام عنف الحروب؟ هل ستمضي وقتك في غرفة بين كتبك تقرأ وتكتب ما تيسر لك من الأفكار والأسفار؟ هل ستفعل ما يسعدك سواء أكان ذلك الغناء أو الرقص أو العمل المكتبي أو التصوير أو سماع الموسيقى؟ هذه هي الرغبات الحقيقية البعيدة عن الرغبات المادية قصيرة الإقامة في الروح. فرق بين الاثنتين لتعيش سعيداً قنوعاً بانتصاراتك الصغيرة قبل الكبيرة. وإن كنت تعاني من كثرة رغباتك -لا حاجاتك- المادية، فتخيل معي ما يلي:
اضطررت لأن تجالس طفلك أو طفل غيرك، وكان شديد التطلب والطلبات. يريد كل شيء ويريده الآن! لن يصمت الطفل ولن يكف عن البكاء والصراخ حتى تلبي له جميع طلباته المستحيلة. ماذا ستفعل وقتها كي يسكت ويهدأ؟
افعل الشيء نفسه مع نفسك. ولا تعطها فرصة الصياح مرة أخرى. تخيل هذا الطفل في داخلك واحرص على بقائه هادئاً قانعاً بالموجود، فطبيعة الإنسان عدم الرضا بل والسخط في كثير من الأحيان. والعالم اليوم يزيد الإنسان سخطاً ويدفعه في ذلك الاتجاه، وكل ما على الإنسان فعله أن يلتف حول الواقع، ويحدد ابتداء ما يحتاجه وما لا يحتاجه.. ما يريده وما لا يرغب به.
جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق