الأحد، 30 يوليو 2017

عن الموجة المضطربة أو “Fake News”


أول مرة أذكر فيها سماع التعبير المنتشر حالياً، “Fake News” أو الأخبار المزيفة كانت من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل فوزه بكرسي الرئاسة. و كان وقتها يرمي هذا المصطلح يميناً و شمالاً كلما نُشر خبراً أو كُتبت عنه مقالة سلبيةفي الصحف و القنوات الإعلامية الأمريكية المرموقة أمثال نيويورك تايمز و السي أن أن. و لا يزال ترامب يُهاجم كل من يعارضه بهذا التعبير، بل و أنه قام مؤخراً بمشاركة فيديو على حسابه في تويتر، كان قد وضع فيه علامة CNN مكان مصارع، قام ترامب بضربه أيام مشاركته في برامج المصارعة.
تجربة دونالد ترامب مع الوسائل الإعلامية الأمريكية تستحق التأمل، حيث أنه يميل إلى قنوات فوكس مثلاً، المساندة له و للجمهوريين، و يبتعد عن الحديث مع الوسائل الإعلامية الأخرى أو المتابعة و الناشرة لأخبار و تحقيقات تزعج البيت الأبيض.
و مع متابعتي لما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية، لم أتخيل يوماً ما ولادة تجربة إعلامية عكسية في الخليج العربي. و أقول عكسية لأن التجربة الأمريكية مبنية على مصادر حقيقية، و حقائق و وقائع و أخبار تستحق النشر، بينما في الخليج وُلدت موجة إعلامية تنشر الأخبار بلا مصادر أو مصادر ضعيفة أو مجهولة على طريقة مصدر مقرب من مسؤول، و تنشر مقالات بلا موضوعية كلها سب و قذف. ظهرت مع الموجة، صحف يومية بلا مضمون أو قيمة سوى تعب المانشيتات العريضة التي تحاول إرضاء بعض الأطراف على حسب مهنيتها و مصداقيتها!
بدأت هذه الموجة المضطربة في الخليج أواخر مايو ٢٠١٧، بعدما اُخترق موقع وكالة الأنباء القطرية، و تم تداول التصريحات المفبركة المنسوبة لصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر. في ليلة الإختراق نفسها، نفى الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني، الرئيس التنفيذي للمؤسسة القطرية للإعلام، صدور التصريحات المفبركة من سمو الأمير و أكد اختراق وكالة الأنباء القطرية. و رغم تناقل خبر اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية عالمياً، من قبل المؤسسات المختلفة كرويترز و البي بي سي و غيرها، إلا أن بعض الكُتاب و المحللين و الصحف اليومية و القنوات الإعلامية العربية أصرت على تداول التصريحات المفبركة و تحليلها و كأنها حقيقة واقعة! بل و أنهم كانوا ينفون حدوث الإختراق بدعوى أنهعذرتريد به قطر إخفاء النوايا التي أظهرتها التصريحات!
و استمرت الهجمات الإعلامية على قطر مع بداية الأزمة الخليجية و حصار قطر، من قبل الأشقاء في السعودية و البحرين و الإمارات. مرة بأخبار كاذبة كخبر وجود الحرس الثوري الإيراني في قطر، و مرة بتحقيقات مضحكة مثل ارتفاع درجة حرارة الأبقار في قطر، و مرة بتحليلات أراد صاحبها لها أن تكون سياسية فكانت أقرب إلى الكوميديا السوداء وقتما صرح بأن المعدة القطرية لا تستطيع أن تعتاد على الحليب التركي بعد الحليب السعودي!
و لا أنسى و لن ينسى الشعب القطري، الإساءات الموجهة له و لرموزه و الأمير في ظل هذه الهجمة الإعلامية الساقطة ضد قطر. و كيف لنا أن ننسى بعدما بينت الأزمة الخليجية و حصار قطر كل هذه السقطات الإعلامية المستمرة و التي لا تضع إعتباراً لأبسط مبادئ الصحافة: المهنية و المصداقية و الموضوعية؟
نشاهد في أمريكا، السي ان ان و النيويورك تايمز منتصرين على ترامب رغم تهمة الإخبار الكاذبة التي يحاول إلصاقها بهم. و نرى في وطننا العربي القنوات الإعلامية و الصحف اليومية تسقط يومياً بالأخبار الكاذبة التي تنشرها عن قطر. و رغم ذلك لن نطالب بمثل ما طلبوه في حق الجزيرة. لن نطلب يوماً إغلاق صحيفة أو قناة إعلامية، فالحقيقة مثل الشمس، لا تحجب بغربال، و لكن سنطالبهم ببعض من المهنية و المصداقية و الإحترام اللائق بمهنة الصحافة، عل هذا البعض يكبر يوماً ما، و يصبح كامل”!



جواهر بنت محمد آل ثاني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...