الثلاثاء، 8 أغسطس 2023

ضمير و ضمائر

  

 

 

(أنا)

لو كان للإنسان أن يفعل شيئاً واحداً في حياته.. لاقترحت عليه أن يكون هذا الفعل هو اكتشاف نفسه! هذا هو مفتاح كل الاكتشافات المهمة و الأفعال الجليلة. و كل الأفعال الأخرى دون التوغل بالنفس و البحث فيها.. لا تعني شيئاً و لا تزن مثقال ذرة.

 

(نحن)

قد يظن البعض بان العائلة قابلة للاستبدال.. و لكن الأمر ليست بتلك السهولة. العائلة هي أكثر ما علىالانسان الانتباه عليه و محاولة الاهتمام به.. فالعائلة امتداد لنا.. صحتنا من صحتها.. عافيتنا من عافيتها.. انتكاسنا من انتكاسها.. دوراننا من دورانها.. راحتنا من راحتها.. سعادتنا من سعادتها.. يأسنا من يأسها.. حزننا من حزنها.. تشتتنا من تشتتها.. هجرتنا من هجرتها.

إذا كانت عائلتنا بخير، فنحن بخير.. إذا كانت في مشكلة.. فنحن في مشكلة. لو كانت متذبذبة المزاج أو غاضبة أو سعيدة، فسنكون مثلها على الأغلب!

العائلة هي أكثر شيء مؤثر في حياة الانسان. نصف مشاكل الانسان ستأتي من طبيعة علاقته مع عائلته و على الأخص أمه و أبيه. و لذلك على الانسان أن يحل مشاكله مع عائلته و أن يهتم بتلك العلاقة و أن يكون متقبلاً لهم و متفتحاً معهم. لم يختر أحد عائلته، و لكنها ضربة الحظ التي عثرت علينا، و التي نُجبر على العيش معها.

لا أحد يستطيع التخلص من عائلته تماماً. العائلة مطبوعة داخلنا.. في جيناتنا. و من أجل ذلك، حاولوا وصلها و التمسك بها على أكبر قدر ممكن.. حتى يصبح الأمر مستحيلاً أو تكون العلاقة سامة إلى درجة ذوبان حبل الوصال بينكم. عندها، اتركوا الحبل، و امضوا قدماً، فقد حاولتم على الأقل.. قبل أن تفشلوا في ضم عائلتكم إلى حياتكم.

انجذابنا للعائلة فطرة.. و حبها بذرة.. قد لا تزهر و لكنها تبقى في روح الانسان منتظرة أي قطرة ماء، لتخرج و ترى النور. و لذلك نجد تقارب الكثير من أفراد العائلات المضطربة رغم المشكلات الكثيرة بينهم في الأوقات الصعبة بل و حتى الأوقات السهلة! و هذا الواقع صوره المخرج الأردني زيد أبو حمدان في فيلمه (بنات عبد الرحمن). الفيلم يتناول العديد من المواضيع التي تخص المجتمع و المرأة على وجه التحديد، و لكن كان من الملفت تصويره للعائلة التي رغم تفككها و اضطرابها.. بقت عائلة في صميمها.. اجتمعت في وقت الأزمة لتعثر على أبيهم المفقود. هذا هو جوهر العائلة، و لذلك من الصعب فقدها و استبدالها.

 

 

(أنتم)

يمكن للإنسان أن يعيش بدون أصدقاء.. و لكن الحياة أفضل معهم.

تخيل معي أن أمامك طبقين من الايس كريم.. أحدهما يعلوه قطعة كرز والاخر بدون كرز.. أيهماأجمل؟

 

(هم)

طبيعة الانسان أن يرى الآخرين كمصدر خطر. الانسان البدائي كان يهرب أو يقاتل إذا ما لمح انساناً آخر يقترب منه.. لأنه يعرف بأن هذا الانسان إما سيقتله أو سيسرق ما لديه من طعام.

تغيرت الأوضاع، و لكنا ما زلنا نشعر بخطر خفيف عند اقترب شخص غريب منا. هذه فطرتنا و تركيبتنا.

الآخر اليوم هو أكبر من الخطر.. هو حب مُحتمل.. و صديق لم نعرفه بعد.. و زميل نستفيد منه إلى نهاية العمر.. و مصادفة جميلة.. و رزق غير متوقع.. حياة أفضل.. و فرصة عمل.. و الكثير من المعادلات المتوقعة و غير المتوقعة!

 

(ضمير و ضمائر)

لا تحصروا أنفسكم بضمائر المتكلم (أنا) و (نحن) ولا ضمير المخاطب (أنتم) أو ضمير الغائب (هم)، و لكن اجمعوا كل ضمائر الدنيا و تبنوها.. اكبروا بإنسانيتكم و بشعوركم بالناس!

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...