الخميس، 22 ديسمبر 2011

من وحي الكتاب



وصلت رحلتي إلى معرض الدوحة للكتاب متأخرة قليلاً لكن مجيئها خير من تخلفها، و كتاب باليد أفضل من كل شيء-و أي شيء-على الشجرة!
ذهبت إلى المعرض وأنا أتخيل روائع ما خطت أيدي العرب تنتظر مجيئي وشرائي لها، ذهبت وأنا أتوقع أن يفاجئني العرب، وفاجؤوني فعلاً، فاجؤوني بعدم مفاجأتهم لي! أليس هذا العام هو عام العرب وعام المفاجآت؟ فكيف لهم ألا يجتمعوا؟! كانت معظم كتب السنة الماضية مستلقية في نفس المكان هذه السنة وكأنها تقول: «هيهات أن أبرح مكاني وقد كتبني عربي!». كان لسان حال الكتب هكذا لا لشعبيتها وللطلب عليها، فأغلبها لم يتجاوز طبعها مرتين، كانت كذلك لأنه لا توجد كتب أخرى تخلفها وتريحها من استلقائها الممل! كلامي هذا سيقودني إلى الإنتاج العربي الفكري، وهو بالطبع الإنتاج والصناعة الأكثر تخلفاً لدينا، فإنتاج الكتب في البلدان العربية لا يتجاوز %1.1 من إنتاج العالم، رغم أن العرب يشكلون ٥%من سكان العالم، حسب تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام ٢٠٠٣، وهي نسبة ضيئلة جداً لكنها مكافئة لنسبة القراءة بالعالم العربي، والتي تقول إن المواطن العربي يقرأ ٦ دقائق، بينما المتوسط العالمي هو ٣٦ دقيقة في اليوم! وعلى كل حال لا يهم إنتاجنا من الكتب ولا مدة قراءتنا باليوم ما دامت الأمية صامدة، ولا تزال تنخر في جسد وطننا العربي. أكتب عن ماذا وأتكلم عن ماذا وأنا أرى لغتي تموت، فلا العلماء يهتمون بها ولا الأدباء يوفونها حقها، هي فقط «في لوح محفوظ»!
**
في معرض العام الماضي، اشتريت أقصوصة الزهايمر لغازي القصيبي ورواية النبطي ليوسف زيدان من بين كتب كثيرة قرأت بعضها، وبعضها لا يزال قابعاً في مكتبتي ينتظر قراءته، ولم يخب ظني بما قرأته. وفي هذا العام كانت كمية الكتب التي اشتريتها أقل -وكان معظمها أعمالاً كلاسيكية- و أنا متأكدة بأنها ستقل أكثر وأكثر مع السنوات المقبلة، لا لأن حب الكلمة ينقص في بل لأننا نكرر أنفسنا، ولا نكتب فكرنا أو نشغل عقولنا. نحن العرب بلا إنتاج فكري نقدمه للعالم ولأنفسنا. البلدان التي لا تنتج «الفكر» لا تنتج شيئا، فهل نحن حقاً بلا فائدة؟ 


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية

هناك تعليقان (2):

  1. كالعادة دوما تضعين يدك على الجرح .... وتحسنين وصف الحال... لكن .... ماذا أقول إن كنت لازلت في رحلة سعي لأكمل فصل روايتي الأخير وأبدأ في رحلة بحث عن ناشر قد تدوم لسنين... يبدو أننا وفي عز ربيعنا العربي .... لا نستطيع الإزهار .

    تقبلي كل ودي: سارة سعدي

    ردحذف
  2. شكرا على طرحك الرائع

    مع تمنياتى بدوام التوفيق ان شاء الله

    ردحذف

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...