الخميس، 29 ديسمبر 2011

انشر تؤجر

انتشرت في الآونة الأخيرة رسائل ومقاطع فيديو تحمل عناوين فضيحة برنامج عرب آيدول وحقيقة عرب آيدول، وهو البرنامج البريطاني المولد والأميركي الانتشار، وحديثا جدا أصبح له نسخة عربية تعرض على قناة «أم.بي.سي».
لم ألق لهذه الرسائل بالاً منذ بدء تناقلها، فعناوينها التي تحمل نظام المؤامرات والفضائح لم يشدني، كما أني كنت واثقة بأن مضمونها لن يهمني بما أني لا أتابع البرنامج، ولكن عندما تكاثرت هذه الرسائل واقترنت بـ «انشر تؤجر»، وعندما أصدرت «أم.بي.سي» بيانا يرد على هذه الرسائل والأقاويل، قررت قطع طريق الفضول. قرأت وياليتني لم أقرأ، رأيت وياليتني لم أبصر! تفلسف من تفلسف فأخرج معنى كلمة آيدول الحرفي من القاموس وقال بأنها شرك، وبأننا يجب أن نتجنب هذه الكلمة السيئة، وأن نبتعد عنها وألا نستعملها أبدا! وأن البرنامج يبطن الشر خاصة مع استعماله لهذه الكلمة بالذات!
الصداع يأتي من أن معظم من قال هذا الكلام يعرف ويتكلم اللغة الإنجليزية بطلاقة بل وأثبت كلامه بالقاموس، ومعنى كلمة آيدول هو معبود أو وثن أو محبوب أو صورة، وكأي كلمة عربية أو إنجليزية أو من أي لغة أخرى، هي كلمة تحمل معاني عديدة ويمكن استخدامها في أي سياق مختلف ولا يشترط أن يكون حرفيا، بل إن عدم استخدام المعنى الحرفي للكلمة في معظم القصائد والمواضيع يجعلها في بعض الأحيان أجمل!
فكرة البرنامج واضحة ومعنى الكلمة أوضح، سيقع اختيار الحكام على الصوت الأجمل ثم يضعونه على المسرح ليصوت الجمهور لمن يراه أفضل. الرابح لن يصبح معبودا ولا إلها ولا وثنا، بل سيصبح محبوب العرب أي من صوتوا له، وأنا لا أدافع عن البرنامج هنا ولا أهاجمه، ولكنني أهاجم الجهل الذي يتملكنا ما إن يطرأ جديد في محيطنا، فنحفظ ما نلقن ونفعل ما يردد على مسامعنا. يجب على الإنسان أن يعي ما يسمع وأن يفهم ما يلقن، وألا يهاجم قبل أن يحلل ويستطرد، وبعد ذلك كله، يحق له أن يقول «انشر تؤجر!».



جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...