(1)
الحياة ليست إلا مستودعاً، يبحث فيها الإنسان عن نفسه. يبدأ رحلته من الباب الأمامي، وسرعان ما يجد نفسه خارج المستودع، يبحث عن ساعته التي أضاعها في الداخل، فلماذا يبحث عن نفسه؟ ولماذا تنتهي حياته وهو ليس متأكداً مما وجد؟ هذه هي الأسئلة التي يجب أن يجيب عنها كل إنسان بعد أن يسأل نفسه: من أنا؟ وإلى أي حد قد أذهب كي أكتشف نفسي؟ وحده الناجح يعرف جواب هذه الأسئلة، أما بقية الناس فقد يستدلون بالأفلام والكتب والواقع والخرافات والموسيقى، وقد يصلون بعدها إلى حل معضلة «من أنا» أو لا يصلون، لكنهم بالتأكيد يحاولون قبل أن يصل اليأس إلى قلوبهم، ومن ثم إلى حياتهم.
(2)
من أنا؟
أنا فكرة، أنا خطوة، أنا كلمة، أنا حية، أنا شعور، أنا قبيلة، أنا سفينة، أنا كل شيء، ولا شيء، ولذلك أتعوذ من كلمة أنا!
هذه إجابة نموذجية، لسؤال من أنا، لكنها إجابة لا تحل السؤال، بل تعقده أكثر، فتضع من بين ثناياه أسئلة، تُولد أسئلة أخرى، فإن كنت أنا فكرة، فما هي الفكرة التي أعبر عنها؟ وإن كنتُ خطوة، فنحو أي اتجاه أنا ذاهبة؟ وإن كنتُ كلمة، فما هو المعنى الذي قُصد بي؟ وإن كنتُ حية، فما هو الشيء الذي يعطيني تلك الصفة؟ وإن كنتُ شعوراً، فما هو الشعور الذي يميزني عن غيري؟ وإن كنتُ قبيلة، فإلى أي أرض سألجأ؟ وإن كنتُ سفينة، فعند أي ميناء سأرسو؟ وإن كنتُ كل شيء، ولا شيء، فلماذا إذاً لا أشعر بالتوازن والكمال؟
(3)
ميلاد الإنسان يبدأ بسؤال من أنا، هذا هو أهم سؤال، وإجابته أخطر إجابة؛ لأنه بحسبها يحدد الإنسان اتجاه حياته وخطواته وخطته، بحسب الإجابة يبدأ مشوار الإنسان في تحقيق ذاته بعد أن عرف أولوياته، ومهمته، واهتماماته، بحسب الإجابة يمكن للإنسان استشراف مستقبله، حسنه وسيئه، طوله وقصره، استمراره وانقطاعه، والإنسان وحده هو من يملك تفتيت مستقبله، فيفعل ذلك بخطة خاسرة يلعبها بقطع شطرنج الحياة بعد أن يفشل في معرفة نفسه.
لا نقرأ كتب التاريخ على سبيل اللهو، ولم توجد القاعدة الأبدية «التاريخ يعيد نفسه»، من باب المفارقة إن حدث فعلاً وكرر نفسه، بل نقرؤه كي نعرف من كنا، لنعرف بعدها من نحن، ومن سنكون في المستقبل، ولكي نعرف، إن كانت نسختنا المستقبلية أفضل أم لا، فلنحرص إذاً على استشراف المستقبل جيداً، والعمل عليه بعد العثور على المفتاح الذهبي «الأنا».
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
الحياة ليست إلا مستودعاً، يبحث فيها الإنسان عن نفسه. يبدأ رحلته من الباب الأمامي، وسرعان ما يجد نفسه خارج المستودع، يبحث عن ساعته التي أضاعها في الداخل، فلماذا يبحث عن نفسه؟ ولماذا تنتهي حياته وهو ليس متأكداً مما وجد؟ هذه هي الأسئلة التي يجب أن يجيب عنها كل إنسان بعد أن يسأل نفسه: من أنا؟ وإلى أي حد قد أذهب كي أكتشف نفسي؟ وحده الناجح يعرف جواب هذه الأسئلة، أما بقية الناس فقد يستدلون بالأفلام والكتب والواقع والخرافات والموسيقى، وقد يصلون بعدها إلى حل معضلة «من أنا» أو لا يصلون، لكنهم بالتأكيد يحاولون قبل أن يصل اليأس إلى قلوبهم، ومن ثم إلى حياتهم.
(2)
من أنا؟
أنا فكرة، أنا خطوة، أنا كلمة، أنا حية، أنا شعور، أنا قبيلة، أنا سفينة، أنا كل شيء، ولا شيء، ولذلك أتعوذ من كلمة أنا!
هذه إجابة نموذجية، لسؤال من أنا، لكنها إجابة لا تحل السؤال، بل تعقده أكثر، فتضع من بين ثناياه أسئلة، تُولد أسئلة أخرى، فإن كنت أنا فكرة، فما هي الفكرة التي أعبر عنها؟ وإن كنتُ خطوة، فنحو أي اتجاه أنا ذاهبة؟ وإن كنتُ كلمة، فما هو المعنى الذي قُصد بي؟ وإن كنتُ حية، فما هو الشيء الذي يعطيني تلك الصفة؟ وإن كنتُ شعوراً، فما هو الشعور الذي يميزني عن غيري؟ وإن كنتُ قبيلة، فإلى أي أرض سألجأ؟ وإن كنتُ سفينة، فعند أي ميناء سأرسو؟ وإن كنتُ كل شيء، ولا شيء، فلماذا إذاً لا أشعر بالتوازن والكمال؟
(3)
ميلاد الإنسان يبدأ بسؤال من أنا، هذا هو أهم سؤال، وإجابته أخطر إجابة؛ لأنه بحسبها يحدد الإنسان اتجاه حياته وخطواته وخطته، بحسب الإجابة يبدأ مشوار الإنسان في تحقيق ذاته بعد أن عرف أولوياته، ومهمته، واهتماماته، بحسب الإجابة يمكن للإنسان استشراف مستقبله، حسنه وسيئه، طوله وقصره، استمراره وانقطاعه، والإنسان وحده هو من يملك تفتيت مستقبله، فيفعل ذلك بخطة خاسرة يلعبها بقطع شطرنج الحياة بعد أن يفشل في معرفة نفسه.
لا نقرأ كتب التاريخ على سبيل اللهو، ولم توجد القاعدة الأبدية «التاريخ يعيد نفسه»، من باب المفارقة إن حدث فعلاً وكرر نفسه، بل نقرؤه كي نعرف من كنا، لنعرف بعدها من نحن، ومن سنكون في المستقبل، ولكي نعرف، إن كانت نسختنا المستقبلية أفضل أم لا، فلنحرص إذاً على استشراف المستقبل جيداً، والعمل عليه بعد العثور على المفتاح الذهبي «الأنا».
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق