الاثنين، 14 سبتمبر 2015

طاقية الحلم

اليأس حليف أجيال اليوم. هذا ما يحكيه الواقع. الضغوطات كثيرة و ثقيلة على الشعوب العربية، و على فئة الشباب خاصة، الذي يرى و هو لم يبدأ بعد حياته، اقتصاد العالم على حافة الهاوية بجانب أسواق النفط و العملات و الأسهم العالمية و المحلية. و لا تغير من نفسية هذا الشاب الأخبار السياسية أو الإجتماعية، فالحروب منتشرة في اليمن و سوريا و ليبيا، و المجتمعات المتفككة في كل مكان حتى أصبح غير المتفكك منها هو ما يُعد على الأصابع!
و فوق كل تلك الأكوام من قبعات اليأس و الإحباط، الموضوعة على رؤوس الشباب العربي، الذي يُطلب منه أن يبدع و يبني مجتمعه، نراه مشغول-لو كان يملك بيته و قوت يومه-بمحاولة الحفاظ على نفسه سليماً من الطعام السيء المطبوخ بزيت مهترىء يسم الجسد، و على عقله سليماً من مناهج الدراسة التي عفا عليها الزمن، و على رأيه معتدلاً فوق كل الترهات التي يقولها "إعلاميون" سُميوا كذلك فقط لأنهم ظهروا على التلفيزيون أو تملكوا قناة.
ثم تستفسر وزارات الصحة العربية بعد ذلك عن تفشي أمراض القلب و السرطان و السكر، و تردي صحة المواطنين و المقيمين على حد سواء في بيئات لا يُعتبر فيها الهدوء ولا الهواء أو الماء أو الطعام! و تستنكر وزارات الإعلام ما يفعله "الإعلاميون المحترمون" على الشاشات و ما يكتبه الكتاب في الصحف! و تلحقهم وزارات التعليم و تطلب من الطلاب إعمال عقولهم "الناقدة" في خضم كل هذا الصخب و الفوضى! و لا تنسى وزارات الداخلية دورها في تحذير الشباب من افتعال أي مشاكل أو تجاوز لأي نوع من"الحريات"!
بجانب كل هذه القبعات، تقبع طاقية الحلم، التي نساها عدد كبير من أبناء جيل اليوم. لماذا نسوها؟ لأن أحداً لم يُعرِفهم أو يذكرهم بها. الكل يريد لهذا الشباب أن يعمل، و ليس أي عمل، بل العمل الذي يدر عليه الدولارات و يجنبه أن يسقط مقتولاً من ثقل القبعات سيئة الذكر، المرض، قصر العمر، اليأس، الكسل، الإحباط، الفشل، تفكك الأسر، انعدام الأمن و غيرها. نسوا أن العمل بدون حلم، لا يقيهم من تلك القبعات، بل يزيدها هماً و ثقلاً.
على الشباب العربي ألا يسمع لمن يُحبطهم، و يقتلهم معنوياً، على شاشات التلفاز و في بيوتهم، قبل أن تبدأ حياتهم. و عليهم أن يبدأوا الحلم، و يطلبوه كما يُطلب العلم و يُعمل به. فإن أرادوا وظيفة ما، في زمن يصعب العثور فيه على وظيفة، فعليهم السعي وراء التحلي بصفاتها و أكثر، حتى يقدروا عليها، و إن أرادوا أن يحافظوا على أنفسهم و أجسادهم، فلينقحوا أفعالهم الخاصة، و ليقيسوا بالميزان، ما فشل "الحكم" "المسؤول" في قياسه.
و أهم من كل ما سبق، على الشباب العربي أن يحرق كل قبعات البؤس و الإحباط النفسي و الجسدي، و يلبس طاقية الحلم، بأقوالها و أفعالها، و تذكر بأن روما لم تُبنى في يوم واحد، و أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، أي أن كل شخص منا، له دور في هذه الحياة، و عليه فقط أن يرقى لهذا الدور.


تدوينة لي في موقع هافينغتون بوست عربي
المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...