لكل مجتمع خصوصيته، ولكل إيجابياته وسلبياته التي تميزه عن غيره من بقية المجتمعات، المهم ألا تطغى السلبيات في أي مجتمع على الإيجابيات لئلا يؤدي ذلك إلى تفككه وعزلة أفراده.
وفي دولنا العربية كمية ضخمة من التناقضات نتيجة كثرة واختلاف المعايير في نفس الدولة من قبيلة إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى، مما أدى إلى خلق أكثر من مجتمع في نفس مجتمع الدولة الواحدة. هُنا لدينا المجتمع المتدين الذي لا يتقبل في أغلب الأحيان غيره من الناس الأقل التزاماً من الناحية الدينية، وفي الجهة الأخرى لدينا مجتمع يرى نفسه واسع المذهب وفي المقابل قد لا يتقبل المتدين لأنه يراه رجعياً متخلفاً، ولدينا نوع آخر من المجتمعات ألا وهو مجتمع العيب، وللأفراد في هذا المجتمع أن يفعلوا وأن يقولوا ما يشاؤون ما دام في حدود المسموح به من العادات والتقاليد وإن خالف الدين! وهذا المجتمع يعلو فيه صوت شيخ القبيلة على صوت شيخ الدين، فالخوف في هذا المجتمع لا يكون من الإثم الناتج عن مخالفة الدين، بل من الفضيحة التي تولدها مخالفة العادات والتقاليد.
أما أسوأ المجتمعات التي تتركب منها دولنا برأيي فهو مجتمع القيل والقال الذي لا يُقدم ولا يُؤخر! فلا عجب أن تزدهر وسائل التواصل الاجتماعي وطرق المحادثة الفورية من «واتس أب» و»بلاك بيري» ماسنجر ما دمنا في دول تعشق الحديث عن الآخر وتكره الحديث عن النفس. وهذه هي مشكلة هذا المجتمع، كرهه للنقد البناء وحبه للانتقادات والإشاعات التي رغم وصول معظمها في النهاية إلى طريق مسدود إلا أنه يحتفي بها وكأنها حقيقة مسلم بها إلى أن تندثر.
لم يخطئ عبدالله القصيمي في مقولته: «العرب ظاهرة صوتية»، لأنه استوحاها من مجتمع القيل والقال الذي أعجزنا الخلاص منه والخلاص من المجتمع المتدين والمتفتح الذي يرفض كل منهما الآخر، غير واعين بأن الدين -كما قال محمد إقبال- في جوهره تجربة، وليس كذلك في ظاهره المعلن. هذه المجتمعات بما فيها مجتمع العيب تسد طريق المستقبل بحواجز كثيرة أصعبها حملاً اتباع العادات والتقاليد، وكما قال ابن خلدون: «اتباع التقاليد لا يعني بأن الأموات أحياء بل أن الأحياء أموات».
نحتاج في دولنا العربية إلى مجتمعات موحدة وطنية صحية لا يكون أكبر أهمها وأشهر وظائفها التشفي بالآخرين والكلام عنهم، بل الكلام عن النفس والنقد البناء الذي يبني المجتمع ومن ثم الدولة، ومن أجل ذلك يحتاج الأفراد والأجيال القادمة إلى إعادة تأهيل تبدأ من البيت وصولاً إلى المدرسة، وأهم ما يجب أن يتعلموه هو عدم اختلاف القيم والمعايير باختلاف الأشخاص والمكان، لكي نبني مجتمعاً متديناً وسطياً لا يخاف من العيب أكثر من الحرام ولا يهتم بالقول أكثر من الفعل.
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة #العرب القطرية
المصدر
وفي دولنا العربية كمية ضخمة من التناقضات نتيجة كثرة واختلاف المعايير في نفس الدولة من قبيلة إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى، مما أدى إلى خلق أكثر من مجتمع في نفس مجتمع الدولة الواحدة. هُنا لدينا المجتمع المتدين الذي لا يتقبل في أغلب الأحيان غيره من الناس الأقل التزاماً من الناحية الدينية، وفي الجهة الأخرى لدينا مجتمع يرى نفسه واسع المذهب وفي المقابل قد لا يتقبل المتدين لأنه يراه رجعياً متخلفاً، ولدينا نوع آخر من المجتمعات ألا وهو مجتمع العيب، وللأفراد في هذا المجتمع أن يفعلوا وأن يقولوا ما يشاؤون ما دام في حدود المسموح به من العادات والتقاليد وإن خالف الدين! وهذا المجتمع يعلو فيه صوت شيخ القبيلة على صوت شيخ الدين، فالخوف في هذا المجتمع لا يكون من الإثم الناتج عن مخالفة الدين، بل من الفضيحة التي تولدها مخالفة العادات والتقاليد.
أما أسوأ المجتمعات التي تتركب منها دولنا برأيي فهو مجتمع القيل والقال الذي لا يُقدم ولا يُؤخر! فلا عجب أن تزدهر وسائل التواصل الاجتماعي وطرق المحادثة الفورية من «واتس أب» و»بلاك بيري» ماسنجر ما دمنا في دول تعشق الحديث عن الآخر وتكره الحديث عن النفس. وهذه هي مشكلة هذا المجتمع، كرهه للنقد البناء وحبه للانتقادات والإشاعات التي رغم وصول معظمها في النهاية إلى طريق مسدود إلا أنه يحتفي بها وكأنها حقيقة مسلم بها إلى أن تندثر.
لم يخطئ عبدالله القصيمي في مقولته: «العرب ظاهرة صوتية»، لأنه استوحاها من مجتمع القيل والقال الذي أعجزنا الخلاص منه والخلاص من المجتمع المتدين والمتفتح الذي يرفض كل منهما الآخر، غير واعين بأن الدين -كما قال محمد إقبال- في جوهره تجربة، وليس كذلك في ظاهره المعلن. هذه المجتمعات بما فيها مجتمع العيب تسد طريق المستقبل بحواجز كثيرة أصعبها حملاً اتباع العادات والتقاليد، وكما قال ابن خلدون: «اتباع التقاليد لا يعني بأن الأموات أحياء بل أن الأحياء أموات».
نحتاج في دولنا العربية إلى مجتمعات موحدة وطنية صحية لا يكون أكبر أهمها وأشهر وظائفها التشفي بالآخرين والكلام عنهم، بل الكلام عن النفس والنقد البناء الذي يبني المجتمع ومن ثم الدولة، ومن أجل ذلك يحتاج الأفراد والأجيال القادمة إلى إعادة تأهيل تبدأ من البيت وصولاً إلى المدرسة، وأهم ما يجب أن يتعلموه هو عدم اختلاف القيم والمعايير باختلاف الأشخاص والمكان، لكي نبني مجتمعاً متديناً وسطياً لا يخاف من العيب أكثر من الحرام ولا يهتم بالقول أكثر من الفعل.
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة #العرب القطرية
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق