1-
قضيت الأشهر الماضية وأنا أجمع مقالاتي المكتوبة في صحيفة «العرب» القطرية وغيرها من المواقع الإلكترونية، وعن طريق فعلتي هذه رجعت إلى أربع سنوات مضت عندما بدأت الكتابة الأسبوعية المنتظمة.
وقتها، ملكت في كل شهر -بل وربما كل أسبوع- نَفَساً متغيراً كنفَس طباخ دؤوب يمضي أوقاته يجرب الوصفات الجديدة.
ومثل الشيف العامل على الأكلات المبتكرة، أتمنى أن يكون نفَسي تطويرياً متطوراً لا متغيراً، وحسب.
هذا اهتمام الكاتب الجدي الأول: تطوير نفسه وغيره، لا اختزال نفَسه في نفْسه، بل وضع نفْسه تحت خدمة وأمر نفَسه الكتابي.
-٢
أحب حديث للإنسان هو حديثه حول ذاته وحديث الناس عنه، ولهذا يتمسك الناس بالأبراج، ولهذا يحب الناس الإنسان المنصت المستمع ويقدرونه ويرونه إنسانا اجتماعيا بل ومتحدثا بارعا!
وعند قراءتي لمقالاتي القديمة شعرت بهذه الأحاسيس وأكثر، فاغتبطت حيناً، وغضبت حيناً، وقلقت في أحيان أخرى، وابتسمت في بعض المواضع، وحزنت مرة ومرات، واجتاحني كل ما سبق وأكثر في مرات أخرى.
وجدتني أقرأ ما كتبته عن قضايا ومواضيع لا تزال مطروحة حتى الآن، مثل التعليم وتخبطه والبنية التحتية وغرقها والازدحام المروري واختناقاته، والمال العام الذي يصبح بطريق أو بآخر مالاً خاصاً!
وغيرها من المعضلات «المنشورة» في مقالات تصلح «لإعادة النشر» غداً، لأنها لم تنشف بعد!
ويبدو أنني في محاولتي لجمع كتاباتي كنت أجمع ذاتي وصفاتي أيضاً مما أحبه وأكرهه، فلقيت حرصي على الفن والعناية به في قطر وخارجها -خصوصاً في العالم العربي-لأن الفن بوابة التعبير والارتقاء والرفعة.
كما شددت على أهمية الثقافة والتربية عليها منذ الصغر، حيث إنها مدخل الانفتاح والتبسط وتقبل الرأي والرأي الآخر.
ولم يصعب علي ملاحظة تعلقي بكل ما يرتبط بالقراءة والكتابة لأني أقر بأثرهما علي وأهميتهما في قلبي.
ولربما كانا من الأسباب الأولى في تغيري الدائم. وليس أوضح من التدليل على ذلك، سوى إجابتي الجديدة دائماً على سؤالي الأزلي لنفسي:
لماذا أكتب؟
٣-
الميت هو الثابت، لا يتغير فيه شيء، فلا يجري فيه دم ولا يدب فيه أوكسجين.. والإنسان الحي هو بالضرورة متغير، وعليه فقط أن يختار ما يُغير وما لا يغير في نفسه إن أراد أن يستفيد من حياته لأقصى حد..
ولن يضيره مراجعة نفسه من حين لآخر، فيعيد النظر في قناعاته وأفكاره وما جرته عليه تجاربه وتجارب غيره المتقاطعة معه، فالتطوير هو المفتاح «إن كان القفل يحمل مسمى التغيير».
جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر
قضيت الأشهر الماضية وأنا أجمع مقالاتي المكتوبة في صحيفة «العرب» القطرية وغيرها من المواقع الإلكترونية، وعن طريق فعلتي هذه رجعت إلى أربع سنوات مضت عندما بدأت الكتابة الأسبوعية المنتظمة.
وقتها، ملكت في كل شهر -بل وربما كل أسبوع- نَفَساً متغيراً كنفَس طباخ دؤوب يمضي أوقاته يجرب الوصفات الجديدة.
ومثل الشيف العامل على الأكلات المبتكرة، أتمنى أن يكون نفَسي تطويرياً متطوراً لا متغيراً، وحسب.
هذا اهتمام الكاتب الجدي الأول: تطوير نفسه وغيره، لا اختزال نفَسه في نفْسه، بل وضع نفْسه تحت خدمة وأمر نفَسه الكتابي.
-٢
أحب حديث للإنسان هو حديثه حول ذاته وحديث الناس عنه، ولهذا يتمسك الناس بالأبراج، ولهذا يحب الناس الإنسان المنصت المستمع ويقدرونه ويرونه إنسانا اجتماعيا بل ومتحدثا بارعا!
وعند قراءتي لمقالاتي القديمة شعرت بهذه الأحاسيس وأكثر، فاغتبطت حيناً، وغضبت حيناً، وقلقت في أحيان أخرى، وابتسمت في بعض المواضع، وحزنت مرة ومرات، واجتاحني كل ما سبق وأكثر في مرات أخرى.
وجدتني أقرأ ما كتبته عن قضايا ومواضيع لا تزال مطروحة حتى الآن، مثل التعليم وتخبطه والبنية التحتية وغرقها والازدحام المروري واختناقاته، والمال العام الذي يصبح بطريق أو بآخر مالاً خاصاً!
وغيرها من المعضلات «المنشورة» في مقالات تصلح «لإعادة النشر» غداً، لأنها لم تنشف بعد!
ويبدو أنني في محاولتي لجمع كتاباتي كنت أجمع ذاتي وصفاتي أيضاً مما أحبه وأكرهه، فلقيت حرصي على الفن والعناية به في قطر وخارجها -خصوصاً في العالم العربي-لأن الفن بوابة التعبير والارتقاء والرفعة.
كما شددت على أهمية الثقافة والتربية عليها منذ الصغر، حيث إنها مدخل الانفتاح والتبسط وتقبل الرأي والرأي الآخر.
ولم يصعب علي ملاحظة تعلقي بكل ما يرتبط بالقراءة والكتابة لأني أقر بأثرهما علي وأهميتهما في قلبي.
ولربما كانا من الأسباب الأولى في تغيري الدائم. وليس أوضح من التدليل على ذلك، سوى إجابتي الجديدة دائماً على سؤالي الأزلي لنفسي:
لماذا أكتب؟
٣-
الميت هو الثابت، لا يتغير فيه شيء، فلا يجري فيه دم ولا يدب فيه أوكسجين.. والإنسان الحي هو بالضرورة متغير، وعليه فقط أن يختار ما يُغير وما لا يغير في نفسه إن أراد أن يستفيد من حياته لأقصى حد..
ولن يضيره مراجعة نفسه من حين لآخر، فيعيد النظر في قناعاته وأفكاره وما جرته عليه تجاربه وتجارب غيره المتقاطعة معه، فالتطوير هو المفتاح «إن كان القفل يحمل مسمى التغيير».
جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر