نُشر في السبت الماضي في صحيفة الأنباء، خبر عجيب عن صحافي روسي عاقب نفسه بتناول حساء من القشدة كان قد وضع فيه مقالة ورقية نشرها وتنبأ فيها بمعلومات لم تتحقق على أرض الواقع عن وزارة البنية التحتية الروسية! وقال الصحافي أمام كاميرات التصوير التي وثقت فعله بالصورة الجامدة والمتحركة: «فعلت ذلك ليعرف العالم أنني صحافي محترم، أحب مهنتي وأقدر قواعدها، وها أنا ذا آكل أمامكم مقالاتي الكاذبة وأنشر الفيديو على «يوتيوب» ليعرف الناس قيمة الكلمة الصادقة في الصحافة».
تساءلت بعد مشاهدتي للصحافي وهو يبتلع الحساء «المورق» بصعوبة: ماذا لو عاقبنا كل الصحافة العربية التي تنشر نبوءات ومعلومات خاطئة بهذه الطريقة؟ اعتقادي الخاص يشير علي أن معداتهم عندها ستتقرح وستُترك هذه الوظيفة «الشاقة» لأصحاب المعدات القوية! ثم تساءلت مجدداً: ماذا لو عاقبنا كل مسؤول عربي نشر وعوداً كاذبة بهذه الطريقة؟ الأكيد بأن المسؤولين سيتضررون عندها أكثر من الصحافيين!
«هذا المشروع سينتهي في اليوم…شهر…سنة…» وعندما يأتي ذاك اليوم يفاجأ الناس بلوحة أخرى -ذات وعد آخر كاذب في معظم الأحيان- تملي على الناس تاريخاً جديداً سينتهي فيه ذاك المشروع الذي تنشأ وتموت معه أجيال إلى أن ينتهي!
قال عبد الله القصيمي: «العرب ظاهرة صوتية»، أي إن كل ما يقومون به «كفعل» هو الكلام، ومعظم كلامهم وعود، ومعظم هذه الوعود كذب، وهذا ما نحتاج أن يتوقف، نريد أن يصبح العرب «قولاً وفعلاً» كما نقول نحن الخليجيين، ونريد ألا يمر وعد بلا تنفيذ، وإن لم يُنفذ يُحاسب «كائناً من كان» على تلفظه بوعد لم يقدر على تنفيذه! وبما أن معظم العرب يخافون على مسؤوليهم من فضائحية المحاكمات العلنية والجزاءات والعقوبات التي يمكن أن توقع عليهم ويطالبون بعدم نسيان أفعالهم الجيدة…إلخ، فإني أطرح عليهم هذا الاقتراح، بأن يُترك هؤلاء «المساكين» على أن يفعلوا مثلما فعل الصحافي الروسي الذي خاف على كلمته الصادقة، ومن ثم يقدمون استقالاتهم!
المسؤولية ليست كلمة أعجمية مأخوذة من قاموس غربي، المسؤولية هي فعل يبرهن لمن يعتمد على الشخص المسؤول بأنه جدير بها، وأنه قادر على حملها أينما وكيفما ووقتما تطلب الأمر! والمسؤولية لا تنحصر فقط في التفكير والتخطيط والتحضير والتنفيذ بل هي أيضاً تمتد إلى الخطأ والفشل وعدم القيام بالأمر الموعود به، أو القيام به بعد فترة طويلة أو بشكل مشوه، هذه هي المسؤولية!
كلماتي موجهة بشكل خاص للمسؤولين الإداريين الذين نسمع عنهم وتُخبئهم أبوابهم المغلقة وتحصنهم مكاتبهم المتينة، كونوا رجالاً ونساء بحجم المسؤولية، وإن فشلتم كونوا مسؤولين بقدر الخطأ، واعترفوا بخطئكم، فإن الاعتراف فضيلة وحق يطلبه الناس!
جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر
تساءلت بعد مشاهدتي للصحافي وهو يبتلع الحساء «المورق» بصعوبة: ماذا لو عاقبنا كل الصحافة العربية التي تنشر نبوءات ومعلومات خاطئة بهذه الطريقة؟ اعتقادي الخاص يشير علي أن معداتهم عندها ستتقرح وستُترك هذه الوظيفة «الشاقة» لأصحاب المعدات القوية! ثم تساءلت مجدداً: ماذا لو عاقبنا كل مسؤول عربي نشر وعوداً كاذبة بهذه الطريقة؟ الأكيد بأن المسؤولين سيتضررون عندها أكثر من الصحافيين!
«هذا المشروع سينتهي في اليوم…شهر…سنة…» وعندما يأتي ذاك اليوم يفاجأ الناس بلوحة أخرى -ذات وعد آخر كاذب في معظم الأحيان- تملي على الناس تاريخاً جديداً سينتهي فيه ذاك المشروع الذي تنشأ وتموت معه أجيال إلى أن ينتهي!
قال عبد الله القصيمي: «العرب ظاهرة صوتية»، أي إن كل ما يقومون به «كفعل» هو الكلام، ومعظم كلامهم وعود، ومعظم هذه الوعود كذب، وهذا ما نحتاج أن يتوقف، نريد أن يصبح العرب «قولاً وفعلاً» كما نقول نحن الخليجيين، ونريد ألا يمر وعد بلا تنفيذ، وإن لم يُنفذ يُحاسب «كائناً من كان» على تلفظه بوعد لم يقدر على تنفيذه! وبما أن معظم العرب يخافون على مسؤوليهم من فضائحية المحاكمات العلنية والجزاءات والعقوبات التي يمكن أن توقع عليهم ويطالبون بعدم نسيان أفعالهم الجيدة…إلخ، فإني أطرح عليهم هذا الاقتراح، بأن يُترك هؤلاء «المساكين» على أن يفعلوا مثلما فعل الصحافي الروسي الذي خاف على كلمته الصادقة، ومن ثم يقدمون استقالاتهم!
المسؤولية ليست كلمة أعجمية مأخوذة من قاموس غربي، المسؤولية هي فعل يبرهن لمن يعتمد على الشخص المسؤول بأنه جدير بها، وأنه قادر على حملها أينما وكيفما ووقتما تطلب الأمر! والمسؤولية لا تنحصر فقط في التفكير والتخطيط والتحضير والتنفيذ بل هي أيضاً تمتد إلى الخطأ والفشل وعدم القيام بالأمر الموعود به، أو القيام به بعد فترة طويلة أو بشكل مشوه، هذه هي المسؤولية!
كلماتي موجهة بشكل خاص للمسؤولين الإداريين الذين نسمع عنهم وتُخبئهم أبوابهم المغلقة وتحصنهم مكاتبهم المتينة، كونوا رجالاً ونساء بحجم المسؤولية، وإن فشلتم كونوا مسؤولين بقدر الخطأ، واعترفوا بخطئكم، فإن الاعتراف فضيلة وحق يطلبه الناس!
جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر